القائد..الرفيق ..الفريق الرفيع ..سلفاكير ومرة أخرى لك الود والاحترام والسلام ونواصل بل نتجرع كؤوس الأسف ونغرق في بحور الخسارة.. والجراح تنزف راعفة، وأنت وفي لحظة غضب ساطع تأتي بذكر الانفصال على لسانك.. وهنا اسمح لنا أيها الرفيق أن نذكرك بفداحة المصير وسحب الخوف الداكنة على وطن ظل على الدوام وحدة فولاذية لا نعرف له حدوداً، غير كلمات الفارس صلاح المعجون بحب الوطن المفتون بتراب السودان.. فكيف طبع خارطة السودان ليس على الأطلس ولا في كراسات الجغرافيا بل حفرها بأطراف أسنة وخناجر في تجاويف صدورنا.. بل في آخر بوصة من سويداء قلوبنا.. بالله وباسم الرب أنشد معي وأنا واثق أن دموعك سوف تبلل كل ثيابك، ومن نخلاتك يا حلفا، وللغابات وراء تركاكا، ومن دارفور الحرة أبثه كل قبيلة على التاكا.. سيدي الفريق.. هل كانت لحظة غضب، أفلتت تلك الكلمة المخيفة لتنطلق سكينا تنغرز حتى النصل في جسد وطن جميل، وهل يمكن أن تدير ظهرك للجغرافيا والتاريخ؟ وكيف تدير ظهرك لمنفستو الحركة الشعبية، وأنت تقاتل بالبنادق وعلى الخنادق لربع قرن من الزمان، والهدف هو السودان الجديد، والانحياز لكل مظلوم ومهمش في أي بقعة في السودان.. شماله وجنوبه، وهل أصدق أنك تدير ظهرك لكلمات القائد الشهيد جون قرنق التي تصلح خطة عمل، ومنهاجاً، ومصابيح باهرة على الطريق.. اقرأ معي كلماته الشاهقة هذه، وكان ذلك في مايو 2005م.. رسالة خالدة بعث بها الشهيد جون قرنق الى المجلس الوطني، وقرأها نيابة عنه نيال دينق قال فيها: (إن تطبيق اتفاقية السلام الشامل لا تهيئ فرصة للسلام وحسب، ولكنها تمنح الشعب السوداني فرصة لإعمال أقصى درجات الحكمة لتحقيق التسامح واحتمال الآخر، وكذلك إعادة بناء السودان على أسس المساواة والعدالة، واتفاقية السلام الشامل اتفاقية جيدة إذا تم تنفيذها كاملة، حتى تتحول الى نموذج يحتذى به في تسوية نزاعات قائمة في السودان وافريقيا والعالم) سيدي الفريق.. وهل نذكرك بأن الانفصال هو الخيار المر رغم أننا نحترم ذاك الحق الأصيل وفقاً لاتفاقية السلام وهو تقرير المصير.. نعم من حق المواطن الجنوبي أن يصوت للانفصال في حرية مطلقة ولكن.. نرى نحن الوحدويين أنكم بذلك قد أدرتم ظهوركم لغالبية شعب الشمال.. أدرتم ظهوركم حتى لثورة أكتوبر، وبعتم روح القرشي وبابكر عبدالحفيظ رخيصة ..بخسة ..أدرتم ظهركم لندوة جامعة الخرطوم تلك الشهيرة في 64، والتي ما انطلقت إلا تأكيداً لوحدة وقضية الجنوب.. أدرتم ظهوركم لمحجوب شريف ونحن نردد من خلفه ..ميري كلمينا ..عشة ذكرينا..أدرتم ظهوركم الى (ايزاك ايللي) الذي رفض أن يتجه فقط عشرة كيلومترات الى نيروبي أو كمبالا، بل اتجه شمالاً وهو يطوي آلاف الأميال لينثر ابداعه وروائعه على العشب الأخضر، مرتدياً قميص نادي الهلال، أدرتم ظهوركم لصورة ما زالت في الإطار، وما زالت تحتل مساحة شاسعة في القصر، وحتى في جدران منازلنا والرئيس (سرسيو ايرو) رئيس مجلس السيادة يركل الكرة إيذانا بافتتاح استاد الخرطوم.. أدرتم ظهوركم حتى لابنته الفاتنة بلون الكاكاو (ميري سرسيو ايرو) وهي تضئ شاشة التلفزيون في ذاك الزمن الجميل.. وهل ننسى (ويندر بوث ديو) الذي كا يسحرنا بمهارته واعجازه في ملاعب كرة السلة، ووالده ركنأصيل في القلعة السياسية النظيفة. سيدي القائد نعم أن بناء الثقة وغسل القلوب، يحتاج الى صبر وعمر وزمان وجلد، ولكن حتماً سوف تنهض هذه الجسور وإن طال الزمن، وراجع خريطة أوربا كانت ممالك متوحشة تتقاتل قتال الوحوش، وبعد مئات السنين ها هي سبعة وعشرون دولة تكون وحدة واحدة.. مصير مشتركاً.. صديقاً مشتركاً، وعدو أية دولة هو عدو مشترك.. لا تيأس.. لا تحزن.. لاتغضب.. لا (تزهج) طول بالك، وأعلم أن تسعين في المائة من شعب الشمال مع الوحدة هدفاً.. وأمنية ومصيراً. لك الود والحب...