يُصادف اليوم الأحد الرابع والعشرون من أكتوبر الجاري، الذكرى الخامسة والستين لإنشاء وتأسيس الأمم المُتّحدة، على اعتبار أنّ الرابع والعشرين من أكتوبر عام 1945م هو اليوم الذي دخل فيه ميثاق الأمم المُتّحدة حيز التّنفيذ، وهو الميثاق الذي يُلزم المُنظمة بنشر السلام والتنمية وحماية حقوق الإنسان. رسالة الأمين العام للأمم المُتّحدة بان كي مون بهذه المناسبة جاءت هذا العام للتأكيد من جديد على إرساء «القيم العالمية للتسامُح والاحترام المُتبادل والكرامة الإنسانية» مع إبراز صفحات النجاح التي حققتها المُنظمة الأممية وصححتها شعوب العالم في مجالات محو الأمية وانتشار المعرفة والتكنولوجيا، وأوجه التقدّم في مجال الديمقراطية وسيادة القانون. ودعا الأمين العام إلى بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية على الرغم مما يُعانيه العالم من مشاكل، ودعا لأن يُعلن الجميع التزامهم بتحقيق الرؤية العظمى المُبيّنة في ميثاق الأمم المُتّحدة. عند بداية تأسيس الأمم المُتّحدة لم يتجاوز عدد أعضائها الخمسين عضواً بينما بلغ عدد أعضائها اليوم مائة واثنتين وتسعين دولة وقد حققت المُنظمة منجزات بارزة على الصعيد الدولي منذ تأسيسها، وفي مُقدّمتها السعي وراء تحقيق السلام العالمي والقيام بمهمات حفظ السلام في مناطق النزاع وتشجيع الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وحماية البيئة ومنع انتشار الأسلحة النووية ودعم الإنسان وحماية البيئة ومنع انتشار الأسلحة النووية ودعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الاستقلال. لكن تجربة الأمم المُتّحدة الطويلة في التعامل مع الشأن الدولي العام لم تكن مُحايدة بالصورة المطلوبة بسبب حق الاعتراض والنقض الممنوح للدول دائمة العضوية في الأمم المُتّحدة، وهي الدول التي حققت النصر عقب الحرب العالمية الثانية، ولم يزد عليها إلا جمهورية الصين الشعبية لاحقاً، ليُصبح الخروج عن دائرة رضا الدول صاحبة الحق في (الفيتو) أمراً مستحيلاً يصطدم بالقرارات الرافضة لكل ما يتقاطع مع مصالح الدول الكبرى، وبرزت نتيجة لذلك قوى بدت أقوى من المُنظمة الأممية ومن مجلس الأمن ومن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مثل إسرائيل التي لا تستجيب لقرار واحد أو تلتزم بتطبيقه، والشواهد كثيرة. ظلّت أفريقيا تُطالب بمقعد ضمن مقاعد العضوية الدائمة ولكن لا مُجيب.. وسرت روح السياسة والمصالح في أوصال المُنظمة الأممية لتُصبح أكبر عائق لها في أن تكون مُنظمة مُحايدة لا تخدم سياسة الأقوياء والأغنياء على حساب الضعفاء والفقراء. لابد من هزّة تُصحح المسار وتجعل مكاناً مرئياً وصوتاً مسموعاً للدول الفقيرة بدلاً عن القوية الغنية ذات التوجّه الواحد والسياسات المُتطابقة التي تكاد تجعل من مُنظمة الأمم المُتّحدة - بسبب التسييس - بيتاً للطاعة لكل من يُخالف سياسات الدول الكبرى، مرة بالترهيب ومرة بالتهديد والوعيد، ومرة بشهر أسلحة المقاطعة والحظر.