ما زالت الأخطاء الطبية من أكبر المعضلات التي يعيشها المواطن السوداني وما زالت أيضاً آثارها عالقة في أذهان الكثيرين من ضحايا الذين دفعوا ثمناً غالياً لها من صحتهم أفقدوا بسببها القريب والحبيب وسببت لبعضهم إعاقات دائمة أصبحت ترافقهم مدى حياتهم. ويستمر مسلسل الأخطاء الطبية والذي لا ينتهي ولا ينصف صاحب الحق فيه وفي الغالب لا يعاقب مرتكب الخطأ أيضاً، وفي المقابل يتم الإعتداء على الأطباء أو الممرضين من قبل ذوي المرضى الذين يتعرضون للإهمال أو التشخيص الخاطيء، وفي السطور التالية نحكي عن مأساة حقيقية تعرضت لها أسرة سودانية في إحدى المستشفيات الخاصة حديثة الإنشاء بالخرطوم وداخل غرفة العمليات، حيث كانوا ينتظرون قدوم أحدث مولود في أسرتهم والتي اختاروا لها اسماً قبل أن يشاهدوها تخرج إلى الدنيا عندما علموا بأنها فتاة اختاروا لها اسم (أبرار) والتي قتلت بسبب الأخطاء الطبية المتكررة على يد طاقم المستشفى، والتي رواها ل (آخر لحظة) عم الطفلة القتيلة أبرار التي لم ترَ النور إلا ساعات قليلة. البداية:- كانت عند دخول والدة الطفلة لغرفة الولادة بعد أن قرر الأطباء بالمستشفى إجراء الوضوع بعملية قيصرية في صباح يوم الخميس (11 / 12 / 2014م) بعدما ودعت زوجها وأسرتيهما وأحباءها والذين توزعوا ما بين غرفة الاستقبال والانتظار وأمام بوابة المستشفى رافعين الأكف لله عز جل أن يهبهم مولوداً ينير لهم الدنيا وأن يحل الأم بالسلامة، وبعد مرور ساعة من الوقت كان والد الطفلة أمام غرفة العمليات ينتظر سماع صوت صرخة الجنين إلا أنه طال الانتظار كثيراً وتوتر الأب وارتبك ومن ثم نزل وابتعد لخارج المستشفى وجلس مع البعض من أفراد الأسرة، وأضاف عم المولودة أنه كان مع شقيقه قرب غرفة العمليات إلا أنه لم يبتعد كثيراً عنها وبعد مرور فترة من الوقت فتح باب المصعد ودخلت اختصاصية الأطفال وهي تركض لغرفة العمليات وبعد دقائق خرجت ممرضة من ذات الغرفة وكانت تركض هي أيضاً وأثناء ذلك (الراوي) يسألها عن ما يحدث بالداخل وعن سبب تأخير العملية، ردت عليه الممرضة ببرود (أنا ما كنت جوة غرفة العمليات أنا كنت في الاي سي يو غرفة العناية المكثفة)، وقالت له (لكن هم لسة جوة غرفة العمليات ما طلعوا..!!) ونزلت سريعاً بعد ذلك عبر السلالم إلى الأسفل وخلال ذلك حضر أحد الأطباء وسأله أيضاً ولكنه أجابه بكلمة خير، وشاهد عم الطفلة الراوي شقيقه يصعد السلم ولسانه يلهج بالدعاء وعيناه مليئة بالقلق وأعصابه مشدودة لأن العملية ليست الأولى التي تضع بها زوجته قيصرياً وأن التأخير ليس مريحاً، وفي تلك اللحظات العصيبة خرج اختصاصي النساء والتوليد من غرفة العمليات وسأل عن والد الطفلة وسحبه من يده وأدخله إلى المكتب وأخبره بأن العملية قد نجحت وتبعهم شقيق الوالد إلى المكتب وقبل دخوله استرق النظر والسمع وشاهد الجميع مضطرباً وأغلق الباب وبعد برهة خرج إليه أخوه ليخبره بأن المولودة كانت (بنت) وأثناء إخراجها من البطن شرقت وتوفيت، والمفاجأة كانت عند ظهور الداية وهي تحمل المولودة ملفوفة إلى غرفة الحضانة وعلى الفوطة آثار دماء اعتقدنا أنه طبيعي، ومطلبنا أن نراها وعندما أمسكنا رأسها فوجئنا بجرح قطعي في منتصف الرأس بطول (5سم) وقد تصفى دمها بالكامل وتغير لونها. وبدأت تحكي القصة الممرضة حاولنا أن نشفط ليها، وعندها علت أصواتنا داخل المستشفى وسألنا عن الطبيب فأخبرونا بأن لديه عمليات أخرى وسألوا شقيقات والد الطفلة عن أنهن طبيبات فأخبرهم بأنهن كوادر طبية ويعلمن جيداً ما يحدث في تلك المستشفيات وأن إحداهن تعمل مع وزير الصحة، وقبل أن تكمل حديثها اختفوا من أمامنا، وأردف العم: بأن شقيقه في هذه الأثناء كان يحاول أن يخبر والدة الطفلة بما حدث ودخلت بعد ذلك في نوبة تشنج ورجفة وبدأت بالبكاء وخرج والد (أبرار) من عند زوجته وقال لنا إنه لن يشتكي أحداً وإنه احتسب أمره لله.وبعد تهديدنا لهم بالبلاغ والشرطة ووزير الصحة كتبت إحدى الطبيبات شهادة الوفاة وحوت على.. أنه بعد الفحص على الطفلة حديثة الولادة لا يوجد نبض ولا تنفس واللون شاحب كما يوجد أيضاً جرح في الرأس بطول 5 سم وتحول للتشريح لمعرفة أسباب الوفاة.. إلا أن والد الجنين وقع على ذات الشهادة بأنه في كامل إرادته ولا يرغب في تحويل الجثة للمشرحة وطلب منهم الصغيرة ليكفنها ويدفنها، وقالت والدتها بأنها ترغب في النظر إليها واحتضنت أبرار الجثة الهامدة والتي كانت تتحرك قبل ساعتين داخل بطنها، وعلمت أسرة المتوفية بعد ذلك أن الطبيب قد هرب وترك مسرح الجريمة المستشفى دون اعتذار بعد أن تسبب في قتل المولودة وكاد بتسبب أيضاً في وفاة الأم بعدما حدث لها نزيف حاد جراء العملية. كانت هذه تفاصيل بعض ما يعيشه الأشخاص بسبب الأخطاء الطبية التي تحدث يومياً داخل المستشفيات ولا يكون إلا الدعاء على المستببين هو الحل المتاح في تلك القضايا.