استقلال السودان الحبيب من أهم الأحداث التي صنعت بأيدي رجال ما زالت بطولاتهم في الحركة الوطنية محفورة في قلوب الشعب، وما زالت معاركهم ووقائعهم ضد الاستعمار مسجلة بأحرف من نور في صحائف التاريخ.. ونحن هنا لا نستطيع أن نحصر كل الأبطال الذين حملوا راية الجهاد من أجل الحرية والاستقلال، ولا نقدر على حصر كل المعارك والوقائع التي خاضها اولئك الأبطال، كما أنه لا يتسع المجال لتسمية كل الذين ضحوا في سبيل حرية هذا الشعب، ولابد لنا ونحن نحتفل بالعيد التاسع والخمسين للاستقلال.. أن نحني الرؤوس إجلالاً واكباراً للأبطال العظماء الذين حملوا راية الكفاح من أجل هذا الوطن العزيز، وكان الاستقلال على أساس متين، وبذلوا جهوداً مضنية في سبيل السودان وخدمة الشعب في نزاهة وإخلاص حسبهم أنهم خرجوا من ذلك الجهاد الجبار وتلك الجهود المضنية دون أن يستفيدوا فائدة شخصية، بل نكروا ذواتهم وها هم الآن يعيشون عيش الكفاف في فخر وطمأنينة. ٭ انتظار وليس إهمال وهناك مواقف عديدة وانتصارات شعبية عظيمة لم نر من المناسب أن نشير اليها الآن، فلكل مقام مقال، وقد يسطر التاريخ فيفيض ثوب النسيان على تلك المواقف لاعتبارات طارئة، ولكن ذلك لا يعتبر اهمالاً فلا بد للتاريخ من انتظار حين يحين الوقت لنتحين الفرص فيسجل التاريخ غداً ما اضطر للسكوت عنه اليوم، وذلك لأن التاريخ لا يهمل الأحداث الجسام والمواقف الكبيرة، والتاريخ يتكلم دائماً عن الماضي بلسان الحق والصدق، لأن حوادث الماضي أصبحت في ذمة التاريخ، وما ذلك ليتم لولا الوحدة القوية التي صهر كل الشعب السوداني على مختلف مشاربه وأحزابه السياسية قوة واحدة متماسكة قلباً وقالباً بصدق وعزيمة، تلتف وتتمسك بمطلب واحد الاستقلال باجماع شعبي، تجلت فيه عظمة هذا الشعب ووطنيته وحبه لوطنه ولترابه، ولهذا يجن يقف التاريخ ويسجل وبكل أمانة أن الاستقلال تحقق بجهد ونضال أسهم فيه كل سوداني يمشي على رجلين على هذه الأرض الطاهرة فخلصها من دنس الاستعمار وانتزع حريته ونال استقلاله وتحقق الحلم وأصبح واقعاً. من اقوال الوالد الفذ العملاق الإنسان حسن محمد زكي (إن الرجال قد يصنعون الأحداث ومن الرجال من قد تصنعهم الأحداث).