من يبكي الجنوب؟.. أيبكيه قادته ورموزه السياسيون الحالمون بالسلطة واكتناز المال، وهم وحدهم الذين لا ينطقون إلا بلغة الانفصال والتلويح بإعادة الحرب.. أم يبكيه الجنوبيون البسطاء الذي جفت في عيونهم الدموع لخوفهم من المجهول.. أم يبكيه الشماليون.. الذين لم يكفوا عن المناداة بالوحدة والوئام.. أم أمريكا.. أم إنجلترا.. أم تبكيه أحزاب مؤتمر جوبا الذين بدأوا يذرفون دموع التماسيح؟.. الجنوب الحبيب يبكيه أهله البسطاء ومواطنوه بدموع مخلوطة بالدماء، دماء الضحايا والإنسان الجنوبي الذي راح ضحية الحروب والاقتتال طيلة عقود من الزمان!!.. الجنوب يبكيه الرجال المخلصون والجنود الأشاوس الذين بذلوا الغالي والرخيص، وتصدوا بكل بسالة للرجل الأبيض الذي بذر الفتنة بين الشمال والجنوب.. الجنوب تبكيه الجماهير السودانية التي خرجت تحيي القائد الراحل د. جون قرنق في مظاهرة هادرة وبكل المشاعر الوطنية يوم أن حطت قدماه على أرض الوطن، ولقائه بالجماهير في الساحة الخضراء بعد توقيع اتفاق نيفاشا، وما كان للجنوب أن يبكيه أحد إذا كانت هناك رموز سياسية جنوبية قلبها على الجنوب، وتريد تنميته بكوادر مؤهلة تمتلك الإرادة القوية، تتحدث بصوت مسموع تقول لا.. لا.. للاجندات الأجنبية، ومؤتمرات الأحزاب والتجمع المعارض، ولا للعملاء بالداخل الذين يثيرون الاضطرابات للوصول لكراسي السلطة بين عشية وضحاها بفعل انتمائهم للقوي الأجنبية وأعداء السودان.. الجنوب الجزء المكمل للشمال يمر الآن بمحنة وهو يرى أن زهوره تموت، وفلذات كبده تعاني من الحرمان ومحرومة من البنية التحتية.. الجنوب الجزء الهادى، الخضرة الدائمة، الجنوب بلد المانجو والأناناس، وحمائم السلام، والينابيع العذبة والطبيعية الساحرة.. من يبكيه غير دموع الشرفاء النبلاء من مواطنيه، ومناصري الوحدة من الشماليين ذوي القلوب المؤمنة الرحيمة، التي تذرف دموع الحزن والأسى وهي ترى على شاشات التلفاز الافتراءات والأكاذيب والتصريحات الخطيرة العارية من الصحة. الجنوب الذي تنقصه التنمية بعد الانفصال أين إنسان الغد الذي يبني ويعمر، ويعيد الخضرة، ويزرع الزهور، ويقطف الأناناس، ويستقبل ضيوفه، ويرسم بسمة على الشفاه، ليقول أنا هنا في الجنوب الجزء المكمل للشمال من أعداء السودان الذين خلت قلوبهم من الرحمة والإنسانية عجزوا أن يقولوا كلمة الحق.. لأنهم يريدون أن يروا السودان بلداً للمجازر والمذابح وتعم الفوضى في كل ارجائه، لم يكتفوا بما فعلوه بدارفور، وأبيي، لكنهم ما زالوا يحلمون بمائة معركة ومعركة، لم تحرك مشاعرهم ضحايا القتال بدارفور وأبيي، وضياع أرواح الرجال والنساء والاطفال، والخسائر في الممتلكات، وتعطيل عجلة التنمية والإستثمار، فمازال الحاقدون يحرضون عملاءهم بالداخل لمزيد من التخريب والتدمير، وإحداث الفوضى لتمزيق النسيج الاجتماعي. عموماً نقول يكفي أن يبكي الجنوب مواطنوه الشرفاء البسطاء الذين انتظروا طويلاً أن يستمروا في العيش سوياً مع أخوتهم من الشماليين بكافة الولايات الشمالية، لا شيء غير الوحدة سيرسم البسمة على شفاه الجنوبين باعتبارهم جزءاً أصيلاً من السودان الموحد المزود بكل القوة والايمان، وأخوتهم في الشمال لن يدخروا جهداً للوقوف مع أخوتهم الجنوبيين في عمليات البناء والتعمير، وكل ما يحقق طموحاتهم وتطلعاتهم، لكن من واقع الأحداث وما يدور في الساحة السياسية الجنوبية، فإن آمال وطموحات الإنسان الجنوبي المغلوب على أمره لن تتحقق طالماً كانت هناك شعارات مرفوعة تنادي بالانفصال وتجزئة السودان شمالاً وجنوباً. ونقول لهؤلاء السياسيين المثيرين للجدل، صانعي الزوابع.. لماذا لا تتبدل الشعارات التي تنادي بالانفصال إلى شعارات أخرى تركز على تنمية إنسان الجنوب وتوفير احتياجاته الفعلية، وتغيير نمط حياته من التقليدية إلى الحداثة؟.. ولماذا لا يتجه الساسة الجنوبيون إلى اخماد نار القبلية التي ستعصف بأرضهم وما عليها؟.. غلاة الانفصال يرون أن الانفصال أغنية يتمايلون طرباً لها.. ولكن من بعد سيذرفون الدموع الساخنة عندما تتبخر أحلامهم، ويكتشفون أنهم كانوا تحت تأثير مخدر زال بزوال المؤثر.