هي وجبة سودانية خالصة ولا تتأتى إلا ب(الأتي) والشطة الخضراء والبصل الأبيض والدكوة والليمون وربما تحتاج ل(بوخة) في النار حتى ينعدل مزاجها لتعدل مزاج آكليها من النساء قبل الرجال وهي تكاد تكون محرمة على الأطفال. إنها (أم فتفت) أو (المرارة). (آخرلحظة) سألت الجزار عصام رحمة مرحوم الذي دخل ميدان (جزارة البطون) منذ نعومة أظافره وهو الآن قد تجاوز الخمسين واستفسرت عن تخصصه فقال إنه (جزار بطون) ومختص في كل ما بداخل بهيمة الأنعام وأن أصحاب المهن من حوله في السوق يطلقون عليه (أخصائي باطنية) وعلى جزار اللحم الصافي (الجراح) وعلى جزار الكوارع والعكو (أخصائي العظام) وضحك عالياً واستطرد، موضحاً أن البطون تعني (عفشة) الضأن والبقر والماعز ويستخرج منها (أم فتفت)، الكبد والكلاوي والقلوب و(أبودمام) والطوحال. عصام أبان أن الفرق بين (أم فتفت) و(المرارة) هو أن الأولى تستخرج من بطون البقر والثانية من بطون الضأن والماعز، وأردف أن مصابي مرض القاود لا يأكلون البقر لذلك يتجهون صوب المرارة، كما أن كل الناس يأكلون المرارة في عيد الأضحى والمناسبات الكرامات والختان والزواج. وأكد أن زبائنه أهواؤهم شتى وأمزجتهم مختلفة، فهناك من يحبها بقرى وآخرون يلجأون إلى الضان وهو جاهز لتلبية طلبات الجميع ولكنه أكد أن (أم فتت) من البقر أطعم من (مرارة) الضأن. عصام قال إن صحن أم فتفت النموذجي من البقر لا بد أن يحتوي على (أم مارقيت، عرنون، أم فتفت والأتي) وسيكون الصحن بعدها مكتملاً و(ظريف شديد)، حسب قوله، مبيناً أن (الأتي) أو الصفراء منها (التايواني) و(الياباني) الأصلي غير المحتوى على إضافة الماء. وحول دخوله هذه المهنة قال إنه عرف الجزارة منذ عام 1969م بحي الموردة (مسقط رأسه) بمدينة أم درمان وأن من أشهر الرموز الذين باعهم (أم فتفت ومرارة) العندليب الأسمر الراحل زيدان إبراهيم والراحل عبدالعزيز محمد داؤد وقريب الله الأمين والراحل بادي محمد الطيب والشاعر عوض أحمد خليفةامد الله في عمره وكذالك الرئيس الأسبق عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب متعه الله بالصحه والعافية والذي كان يشتري اللحم منه. عصام شكا من وضع السوق الصحي وطالب محلية كرر بإعادة النظر في الأسواق وحول الأسعار قال إنها مرتفعة جداً مقارنة بالسابق وأن أربعة رجال إذا أرادوا أن يأكلوا صحن (أم فتفت) حتى (الشبع) فإنهم مطالبون بدفع مبلغ خمسين جنيهاً بالتمام والكمال وأن أقل وزنة منها بسبعة جنيهات ولا توجد (أم فتفت) بأقل من ذلك وضحك وقال (الدولار غالي يا أخي ولا أنت ما متابع)، ورمى باللائمة على الحكومة التي تتحصل ضرائب باهظة في الطرق من المواشي المرحلة من مصادرها بالولايات مما يعني وضع قيمة الضريبة على (البهيمة) ثم يتم بيعها فيصبح سعر الكيلو (بالشيء الفلاني) حسب قوله. وعن باقي أسعار البطون قال إن كيلو الكبدة يتراوح ما بين ( 48 50) جنيهاً للبقر وما بين 60 65 جنيهاً لكبدة الضأن المقفولة أما الدمام فسعر الكيلو منه 35 جنيهاً واللسان بأربعين جنيهاً. عصام أكد أن النساء لحوحات في طلب زيادة أم فتفت وبعض الرجال أيضاً ونصح الجمهور بتجنب أم فتفت المثلجة والتي ظلت النهار بطوله عرضه للهواء وهي قابلة للتفسخ باليد كما يجب أن تغسل جيداً.