صناعة الجلود من الصناعات القديمة التي تطورت عبر القرون مع متطلبات الإنسان وتقدمه حيث يحتل السودان المرتبة الأولى عربياً وأفريقياً حسب تقدير الثروة الحيوانيه والتي تشكل صادراتها المركز الأول في الصادر الصناعي كما تساهم صناعة الجلود في توفير المنتجات الجلدية والشعبية للمستهلكات الأخرى، وتمثل موقعاً اقتصادياً ومجداً ذهبياً لفخر الصناعة السودانية، وظل القطاع التقليدي الحرفي يقوم بدوره كاملاً بالرغم من خروج منطقة الدباغة الحرفية بأمدرمان «حي الدباغة» من دائرة الإنتاج وانتقال كثير من الحرفيين لصناعة المراكيب الشعبية الأخرى في منطقة غرب أمدرمان إلا أن القرارات وسياسات الخصخة أقعدت بهذا القطاع وتسببت في انهياره.. من المسؤول عن هذا الترجع وماهي السياسات التي أقعدت به؟! واقع المدابغ في السودان: مدبغة النيل الأبيض والخرطوم والجزيرة من المدابغ التي تمتعت بميزات تفضيلية أعطتها أهميتها الاقتصادية، إلا أن كثيراً من السياسات غير المبررة هزمت هذا القطاع وأقعدت به، وهذا ما ذهب إليه أصحاب المدابغ والخبراء الاقتصاديون بقولهم إن سياسات الخصخصة والقرارات الخاطئة تسببت في انهيار قطاع الجلود. وقال مصدرون إن خصخصة الكثير من المدابغ وبيع بعضها أهلك تلك المدابغ وأخرجها من دائرة الإنتاج، مشيرين إلى أن قطاع الثروة الحيوانية تأثر بهذه القرارات وواجه الكثير من التحدي، والذي تمثل في تصدير خام الجلود المجففة بالهواء «الفشودة» للحدود، إلى أن أصدرت وزارة التجارة قراراً بمنع تصديرها. انتشار ظاهرة الجلود المسماة بالفشودة عزاها أصحاب المدابغ إلى ركود سوق الجلود في العالم بأكمله. منوهين لوجود مشاكل في الصادر تتمثل في التحاويل المصرفية إلى جانب غياب القوانيين التشجعية لصناعة الجلود والتنسيق بين مصانع الجلود والمدابغ والسلخانات. وكشف أحد تجار فشودة عن وجود كميات كبيرة من الجلود الخام غير المستفاد منها تم حصرها، وقدرت بما يقارب«051 -200 »ألف جلد. معلناً مخاطبة القطاع لوزارة التجارة وإدارة الصادر لمعالجة المشكلة خاصة وأن هنالك كميات كبيرة من الجلود موجودة بالولايات. عودة الحياة لمدبغة النيل الأبيض: مدبغة النيل الأبيض والتي تأسست في العام 1972 ظلت مغلقة لسنوات عدة بسبب سياسات الخصخصة بالرغم من إسهامها المباشر في الحد من الفقر وتوفير فرص العمل وإحياء العديد من الصناعات الجلدية بالسودان إلى أن تم تأهيلها على يد المستثمر اللبنانبي محمد عمر الرفاعي ووطنيين سودانيين، بتكلفة بلغت 20 مليون دولار، وافتتاحها على يد رئيس الجمهوريه بطاقة تصميمية تبلغ حوالي 1300 جلد بقري و50000 جلد ضان وماعز لتوفير حاجة السوق المحلي والتصدير إلى الخارج واستهداف عائد يبلغ 150 مليون دولار سنوياً لوجود ثروة حيوانية تقدر ب 104 ملايين رأس من الماشية، حيث بلغت صادراتها خلال شهري يناير وفبراير من العام 2015 م مليون رأس من المواشي الحي و900 طن من اللحوم. مدابغ في انتظار التأهيل: أول مدبغة تم إنشاؤها كانت في العام 1963م بقرض من حكومة يوغسلافيا ثم مدبغة الجزيرة في العام 1976م بقرض فرنسي، حيث شهدت فترة السبعينات إنشاء مدابغ القطاع الخاص بالإضافة للقطاع الحكومي وتبع ذلك إنشاء مراكز لتحسين الجلود ومركز تكنولوجيا الجلود، وفي العام 1992م صدر قرار خصخصة المدابغ الحكومية منها النيل الأبيض والخرطوم والجزيرة ونيالا، كما صدر أيضاً قرار في العام 1993م بوقف صادر الجلود الخام مما ساهم في زيادة عدد المدابغ من 6- 23 مدبغة. وفي إطار اهتمام الدولة بقطاع الجلود دعت وزارة الصناعة رئاسة الجمهورية لدعم وإنشاء مدينة تصنيع الجلود مما يفتح المجال للاستثمار والعمل لتبني وتأهيل مدابغ نموذجية، مشيرة إلى تذليل كافة المعوقات لدعم صناعة الجلود التي تعتبر من الصناعات الإستراتيجية وركيزة للنمو الاقتصادي.