الجدل الكثيف الذي دار حول إنشاء سد النهضة الأثيوبي منذ العام 2011م هل سيحسمه اجتماع رؤساء السودان ومصر وأثيوبيا غداً الاثنين بالخرطوم للتوقيع على وثيقة اتفاق إطاري خاصة بالسد الأثيوبي التي تم التوافق عليها بالخرطوم في اجتماع وزاري للدول الثلاث.. وهل سيعطي أثيوبيا الشرعية في مواصلة إنشاء السد الذي وصل العمل فيه إلى 40%؟ ومع اقتراب هذه الخطوة برزت مخاوف ومحاذير على السطح من خبراء مياه سودانيين ومصريين ربما تؤدي إلى تأجيل التوقيع على الاتفاق، وتؤكد الأنباء الواردة من مصر وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للخرطوم غداً ومن ثم التوجه لأثيوبيا لإجراء مباحثات إضافية مع الحكومة الأثيوبية، وعلت أصوات من خبراء مصريين تحذر من حصول أثيوبيا على اعتراف مصري بسد النهضة بسعته الحالية البالغة 74 مليار متر مكعب، ضمن اتفاقية وثيقة المباديء التاريخية وقالوا إن أي اعتراف بالسد الثيوبي بسعته التخزينية الحالية سيمنح أديس أبابا شرعية قانونية ودولية للبحث عن تمويل دولي لاستكمال أعمال البناء من الدول والمنظمات المانحة، خاصة بعد المساعي التي قامت بها مصر عام 2011 من خلال إخطار البنك الدولي وصندوق النقد بعدم تمويل السد نظراً لعدم اعتراف القاهرة به ومخالفته للاتفاقيات التاريخية الموقعة بين البلدين، مؤكدين أن السعة الحالية له ستؤثر على حصة مصر من مياه النيل وطالبوا بالتفاوض حول الخطوة. وهنا في الخرطوم وفي المركز العالمي للدراسات الأفريقية اجتمع عدد من الخبراء الوطنيين في ندوة حول سد النهضة يوم الخميس الماضي اعتبرها المستشار بسفارة مصر بالخرطوم محمد إبراهيم تحصيل حاصل وتساءل عن عقد الندوة في هذا التوقيت ورؤساء الدول وافقوا على الاتفاق وسيوقعون عليه بالخرطوم، وأعلن هؤلاء الخبراء قلقهم ومخاوفهم الكبيرة من إنشاء السد وعددوا كثيراً من المساويء والسلبيات للسد بجانب فوائده.. وحذروا من كارثة ستحل بالسودان حال انهيار السد الذي وصفوا حجمه بالضخم وارتفاعه الكبير ولم يستبعدوا في ذات الوقت أن يكون هذا هدفاً عسكرياً لإسرائيل كما هددت من قبل بضرب السد العالي، وأكدوا على ضرورة أن يدار الملف بعقلية أمنية لأنه يمس الأمن القومي. بدا مدير كرسي اليونسكو للمياه بروفيسور عبدالله عبد السلام المتحدث الرئيسي في الندوة منفعلاً في حديثه حول السد وانتقد تكتم المسؤولين على المعلومات والسرية التي تحاط بها السد وحجبها من الخبراء والرأي العام، وأكد أن كثيراً من المعلومات لم تتح لهم كخبراء، وكشف عبد السلام عن دراسات أمريكية لخمسة خزانات في العمق الأثيوبي كانت ذات فائدة لأثيوبيا أكبر من سد النهضة، وعدد عبد السلام فوائد السد إلا أنه أكد أنه لا يخلى من السلبيات التي يمكن أن يتضرر منها السودان ومصر مستقبلاً، وحصر الفوائد في أن السد ينظم جريان نهر النيل الأزرق، كما أنه يقلل من الفيضانات ونسبة التبخر فيه ستكون أقل من السد العالي ويقلل من كميات الطمي، إلا أنه أكد أن ذلك لفترة محددة تقدر بخمس سنوات فقط. وكما للسد فوائد لكنه لا يخلو من الآثار التي ستؤثر سلباً على السودان عند إنشائه، وأشار مدير كرسي اليونسكو إلى أن فوائد السد ذكرها الجانب الأثيوبي وليس السوداني، متفقاً مع الخبراء المصريين في أن سعة السد ال (74) مليار متر مكعب عالية جداً، وتساءل لماذا اختارت أثيوبيا هذا الرقم هل هو تقدير مبني على دراسات علمية أم صدفة، علماً بأنه يمثل حصتي السودان ومصر من مياه حوض النيل، وقال إن الأمر يعطي شعوراً غير مريح، كما تخوف من أن تكون هناك إخفاقات فنية عند تشييد السد، منتقداً ضخامة جسمه وارتفاعه العالي، وقال لو لم تنشأ بوابات سفلية له سيكون معرضاً للانهيار بجانب أنه لا يغطي حاجة أثيوبيا من الكهرباء مثل كما أكدت أثيوبيا، وقال إنه لا يغطي حاجتها التي تقدر ب 30% يومياً، وشدد عبدالله على ضرورة تكوين لجنة من الخبراء الوطنيين لدراسة الآثار السالبة والإيجابية للسد قبل التوقيع على الوثيقة، وقال لو كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات لا مرحباً بالتوقيع. أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروف حسن الساعوري اعتبر من وجهة نظره أن القضية الأساسية في السد ليست المياه وجسمه إنما خطة التشغيل، وشدد على ضرورة أن تكون إدارة التشغيل مشتركة بين الدول الثلاث وليست أثيوبيا وحدها، وقال الوثيقة التي ستوقع إذا لم تتضمن ذلك سنكون متضررين ولا بد من إدراك ذلك. أما الخبير بالموارد المائية حيدر يوسف حذر من أن السودان ستحل به كارثة بسبب ضخامة حجم السد وارتفاعه، وقطع بأن أثيوبيا لن تتضرر من ذلك، وقال ما في غنماية في أثيوبيا تتأثر من انهيار السد ولكنه سيغمر كل الأراضب السودانية كما أنه لم يستبعد أنه سيكون هدفاً عسكرياً لإسرائيل باعتبار أن الخزانات تمثل تهديداً عسكرياً، وقال إن إسرائيل هددت بضرب السد العالي، واعتبر حيدر أن التوقيع على الاتفاق الإطاري إلغاء لاتفاقية 1902م. وكما يقول المثل المصري يا خبر الليلة بفلوس بكرة ببلاش، وغداً لناظره قريب، سيتابع الشارع السوداني والمصري بترقب وحذر نتائج اجتماع الرؤساء الثلاثة بالخرطوم غداً وهل سيتم التوقيع على الوثيقة التاريخية أم ستظهر سيناريوهات أخرى تغير مجرى الأحداث؟