أسعدني جداً ما قاله مبعوث الجامعة العربية لدى السودان السيد/ صلاح حليمة بأن الحوار الوطني هو الخيار الأنسب لتجاوز أزمات السودان.. مشيراً الى أن المناخ السياسي بعد الانتخابات سيكون مواتياً لإجراء الحوار ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار، كما أن الحوار الوطني هو الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يجتاز السودان ما يواجهه من أزمات، ونحن بدورنا نضيف للسيد مبعوث الجامعة العربية أن الحوار الوطني هو الطريق السليم للخروج من عنق الزجاجة، وإذا كانت في هذه الإنتخابات آمال عراض تقود الى جادة الطريق نحو حوار وطني معافى بهذه الانتخابات، ونأمل أن تكون انتخابات خير وبركة على أهل السودان، حتى يجلسوا جميعاً فرقاء وشتات من أجل حلحلة قضايا الوطن الكبير.. ولكن ثمة سؤال نريد أن نطرحه للسيد صلاح حليمة ماهو دور الجامعة العربية في هذه الانتخابات؟ والسودان دولة تحمل عضوية الجامعة العربية من النواحي الرقابية والتمويلية والمساعدة في أن تخرج هذه الانتخابات نظيفة ترضي جميع الأطراف، هل دور الجامعة العربية هو الأماني بأن تكون هذه الانتخابات بداية طريق نحو الحوار الوطني، ولماذا يصرح السيد/ حليمة بأن الجامعة العربية مستعدة لإرسال مراقبين فنيين لسير العملية الانتخابية، أم هذا هو دور العرب دائماً في تبني النجاح دون السعي الى رعايته. معلوماً تماماً أن العرب يستنكرون ويشجبون ويتمنون لماذا يتحرك المبعوث الافريقي أكثر من العرب في الاهتمام بالانتخابات والقضايا السياسية، بينما العرب يتفرجون على مشاهدة كوميديا الخلافات السياسية المصريين، رغماً من خلافاتهم السياسية أداروا انتخاباتهم بمنأى عن الجامعة العربية -التي وهي مبنى فخيم ودهاليز وكرافتات ووجبات دسمة في طاولات السمر السياسي- وجود للجامعة العربية هنا في السودان سوى أننا نتحدث ونتمشدق بالعروبة أكثر من أهلها الحقيقيين، لو كنت أملك قراراً لطالبت بخروج السودان عن هذه المنظمة الكسيحة التي لا تشرف أحداً.. أين الجامعة العربية مما يدور بسوريا، وليبيا، واليمن، والعراق، ومصر أخيراً؟، سكت دهراً مندوب العرب ونطق كفراً، أي إنسان يعرف أن الانتخابات يمكن أن تقود الى حوار وطني مقنع إذا كانت انتخابات نزيهة وصحيحة، فكيف نقنع أنفسنا بأن انتخابات 2015 ستكون أفضل من انتخابات 2010م، والتي حدثت بها تجاوزات لا عين رأت ولا أذن سمعت من أعمال فساد ورشاوي، وأتت بنواب ضعفاء لم يقدموا جديداً للتجربة البرلمانية، جاءوا عن طريق التسلق بشجرة المؤتمر الوطني التي حملت الجميع فوق فروعها، ما أريد توضيحه في عنوان هذا المقال إن لا علاقة له بمندوب العرب النائم، ولكن ما نثبته وما نؤكده أن الممارسات الفاسدة بدأت تظهر منذ الآن في العملية الانتخابية- ومستعد لإثبات ذلك- أولاً: لأنني مرشح سابق أملك أدلة وبراهين. ثانياً: لأنني أقيم في دائرة جغرافية قومية حسب الخريطة الإنتخابية بأنها مفرغة، ولكن بدأت التجاوزات التي تتحدث عنها تظهر بالوعود من توصيل أسلاك الكهرباء للقرى وشبكات المياه، وإرسال آليات الحفر لفتح المجاري، مع العلم بأن هذه الدائرة لا يوجد بها مرشح مؤتمر وطني، ولكن سبق أن ترشح بها أحد (المستقلين) السياسيين متحالفاً مع الوطني سراً في (أبيخ) فساد انتخابي يشهده السودان منذ الاستقلال، مدعوماً بمدير سابق لشركة تأمينية شهيرة في المشاركة بهذه الأعمال التي دونها التاريخ عن كثب، لتطلع عليها أجيالنا القادمة، وأن التاريخ لن يرحم، ولكن السؤال الذي نريد طرحه لأهل الحكم.. هل ارتضيتم حقيقة أن تكون هناك مشاركة في هذه العملية الانتخابية المقبلة إذا كان الجواب نعم لماذا لا تتركوا المنافسة شريفة للجميع ليأتي صاحب الحظ الأوفر من جماهيره لمثيلهم، السؤال الثاني وهذا بصفة خاصة للسيد البروف غندور.. لماذا تسمحون بأن يتصرف شخص واحد حصرياً بواسطة الوكالة للهيمنة على هذه الدائرة؟ هل هو لتحقيق المصالح الذاتية أم مصالح البلاد والعباد؟ فلقد بدأ هذا الرجل صاحب الشواهد المظلمة في هذه الدائرة بالتحرك عبر وكلائه للسيطرة على هذه الدائرة لفترة برلمانية جديدة، ويمكن أن نفيدكم بتفاصيل أدق عن ما يفعلون وعن ما سيفعلون، لماذا تصر حكومة الإنقاذ بعد فترة حكم بلغت أكثر من ستة وعشرين عاماً أن تدفع بالنواب (....) لتمثيلها في برلمان يرجى منه حلحلة مشاكل السودان العالقة، وجمع لم أهله نحو كلمة سواء، وهل أن المسألة توريث حزبي عقيم لتدفع الحكومة بنائب جاء للبرلمان عبر الطرق الملتوية ليزيد من معاناة أهله ووطنه، جل الأسماء التي قدمت من قائمة المرشحين الوطنيين يفتقدون تماماً الكفاءة والأهلية لتمثيل ناخبيهم، وخاصة في دوائر بحر أبيض وتحديداً في دائرتي القطينة شمال وجنوب، فمن هؤلاء من لا يستطيع تحمل الأعباء المهنية السياسية ولا القدرة على العطاء، فكيف لأهل الحكم بعد هذا النضج الطويل أن يلحوا على نائب برلماني ضعيف بدنياً وأكاديماً أن يستولى حصرياً على تمثيل أهله القابعين على جمر الوعود المتعشمين للهب السراب الزائل، في أن يكون نائبهم مصحصح يحمل آمالهم وعشمهم لأهل المركز بوتقة سن التشريعات ليأتيهم بدنانير أهل الكهف، لقد بلغ السيل الزبى وأظنها إن لم أكن أكثر الناس تشاؤماً ستكون آخر انتخابات لأهل الإنقاذ مادام هذا هو ديدنهم في أن يكون نوابهم فاقدي الأهلية ينتظرون رواتب آخر الشهر والاستمتاع بارتداء جلابية بيضاء مكوية وعصاية ملوية.. ونقول إن حليمة عادت لقديمة مع الاعتذار للسيد مندوب العرب، فهذا المثل يخصنا وحدنا عرب وأفارقة في السودان، وهذه هي مشكلتنا الأولى التي ورثتها الإنقاذ أيضاً.. فهل نحن عرب أم أفارقة؟ (نحن قومية قائمة بذاتها فلنسعى جميعاً لرعاية هذه القومية الهجينة ونصيغ حلولنا السياسية على هذا التنوع، يمكننا بذلك أن نخلق وطناً قوياً وعملاقاً في محيطه).