محمد البشاري : حدث تاريخي تشهده الخرطوم اليوم ربما لا يتكرر قريباً وهو تجمع رؤساء دول مصر وأثيوبيا والسودان في قمة ثلاثية للتوقيع على اتفاقية سد النهضة والتي واجهت عقبات ومطبات كادت أن تشعل فتيل الأزمة بين مصر وأثيوبيا، غير أن إرادة الدول الثلاث وتصميمها على تخطي حواجز الخلافات أفضت إلى الاتفاق على توقيع الوثيقة بالخرطوم. احترام النتائج اتفاق الدول الثلاث على التوقيع على اتفاقية سد النهضة بالخرطوم اليوم أتى نتاج لاجتماعات ماكوكية لوزراء الخارجية والري والموارد المائية بالسودان ومصر وأثيوبيا جرت بالخرطوم أفضت إلى الاتفاق على أن يوقع رؤساء الدول الثلاث على الاتفاقية، غير أن البعض بدأ يثير شكوكاً حول إمكانية إكمال مراسم توقيع الاتفاق اليوم بين رئيس الجمهورية المشير عمر البشير والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام ديسالين بسبب ارتباطات للرئيس المصري بزيارة دولة أثيوبيا، غير أن الرئاسة المصرية سارعت بنفي الأمر والتأكيد على أن السيسي سيحضر مراسم توقيع الاتفاق بالخرطوم اليوم. بينما ذهبت الحكومة على لسان وزير الكهرباء والموارد المائية معتز موسى إلى وصف ما أثير عن عدم حضور الرئيس المصري بأنه تخرصات من الإعلام، ومع اقتراب موعد التوقيع والمقرر له اليوم اتجهت وكالة الأنباء الأثيوبية بحسب مصادرها للكشف عن أن القاهرة طلبت إضافة بند واحد للوثيقة بصيغتها الحالية وأن الجانب الإثيوبى أبدى رفضه لها، لكن المصادر مضت للقول بأن هنالك جهوداً تجري حالياً للوصول إلى صيغة توافقية، وأكدت المصادر أن مصر تطلب إضافة نص يضمن الالتزام بنتائج الدراسات الفنية التي ستخرج عن المكتب الفني، ومطالبته بأن تتضمن الصيغة «احترام النتائج» وليس الالتزام بها وأضافت: «الرئيس سيلتقي نظيره السودانى، عمر البشير، ورئيس الوزراء الأثيوبي، هالى ميريام ديسالين، للتشاور حول الملف وتقريب وجهات النظر، غير أن مراقبين اعتبروا اتفاق الأطراف على توقيع الوثيقة اليوم هو نتاج لدور تاريخي لعبته الخرطوم لتقريب وجهات النظر بين مصر وأثيوبيا وردم هوة عدم الثقة بين الطرفين. تفاصيل الاتفاق بالمقابل اشتملت الوثيقة التي يعتزم رؤساء السودان ومصر وأثيوبيا التوقيع عليها اليوم على عشر مبادئ أبرزها مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، والتعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، ومبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، فضلاً عن مبدأ الحل السلمي للنزاعات. ونقلت المصادر عن أن اتفاق المبادئ لا يمس الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل كما لا يتناول على الإطلاق حصص المياه او استخدامتها، وإنما يقتصر فقط على ملء وتشغيل السد. ونص مشروع اتفاق إعلان المبادئ المقرر إقراره اليوم على توفير أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وأثيوبيا والسودان حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجاري إعدادها، ونجح الاتفاق في سد الثغرات التي كانت قائمة في المسار الفني، وأهمها التأكيد على احترام أثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي فى ضوء نتائج الدراسات، فضلاً عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب بجانب أن الاتفاق يؤسس ولأول مرة، لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود في الدول الثلاث فضلاً عن أن الاتفاق يشمل آلية لتسوية النزاعات بين مصر وأثيوبيا من ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق. رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أكد في حوار مع صحيفة اليوم السابع المصرية أن التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة بالخرطوم اليوم بين رؤساء الدول الثلاثة، سيؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك بين دول حوض النيل الشرقي، مؤكداً أن السودان لن يقبل المساس بالحقوق والمصالح المائية المصرية، ويتفهم جيداً الشواغل المصرية من مشروع بناء السد.