اليمن، لم يعد سعيدا.. وفي اليمن كل هذا السلاح الثقيل والخفيف، وكل هذه الإنقسام المفجع، وكل هذا الدم. بلقيس، تبكي، فمن ذا الذي يكفكف عن خدها دمعة، في زمن قعقعة السلاح، والنيران.. ومن ذا الذي يعيد لسبأ الامن والسلام، والعنفوان؟ كان سعيدا اليمن في التاريخ، فما بال اليمنيون يبيعون هذه السعادة في الحاضر، ولا يقبضون سوى الدم، ورائحة البارود، وأكوم الجثث. ولا يقبضون سوى مستقبل- هو بكل المقاييس- ليل كثيف الظلم والظلام، ولا.. ولا من عدل أو اعتدال.. ولا من صبح قريب، قد يتنفس! هل في الغفلة مما كان، لعنة؟ ولماذا لا تستصحب بعض الأمم تاريخها، تستلهم منه الدروس والموعظة الحسنة والعبر، وهى تسير في حاضرها باتجاه ماهو آت.. وماهو آت، آت لا محالة؟ من .. من ذا الذي ليستطيع أن ينقذ اليمن من حافة الإنهيار الكلي، في نفق الدم، غير اليمنيين أنفسهم، ولا من إنقاذ يمكن ان يترجى بغير إرادة منهم تقول للسلاح الذي ارتفع يقعقع ويصر ويئز ويرز: أرضا سلاح. حين تصرّ رصاصة باتجاه، تصرّ رصاصة أخرى من الإتجاه المقابل.. هذا مايقول به كل تاريخ الحروب الاهلية في أي زمان ومكان، فمن في اليمن، من قرأ هذا التاريخ، ومنه شواهد لا تزال ماثلة في الحاضر، حتى في دول الجوار، وفي المحيط الإقليمي؟ حين لا تجيلُ أمة ما بصرها، لا ( يطش) البصر، ولا تصاب بنوع من العمى الليلي، فقط. أسوأ أنواع العمى هو مايكون في الليل والنهار معا! لماذا ضيّع اليمنيون، نعمة الشوف في الضحى والنهارات والظلام، ولماذا ضيّعوا السمع وزرقاؤهم تصرخ: أرى أكوما أكوما من الجثث، تسير.. ولماذا ضيّعوا نعمة التصديق، ونعمة البصر والبصيرة؟ اليمن على حافة حرب أهلية. هم اليمنيون، يقرأون مثلنا، كل التقارير التي تتحدث عن كل ذلك، ولكن للأسف يمضون في ماهم ماضون فيه: يحشون أسلحتهم الثقيلة والخفيفة بالمزيد من البارود، ويطلقون النيران، ولا يتشممون إلا رائحة الدم والأجساد المحترقة.. ورائحة الدمار. النيران تتمدد. نيران تأكل نيران، واليمن يتلظى، وعدن في الأيام المقبلة حريق، والحوثيون صم بكم عمى، يتخبطون في العزة بإثم القوة وإثم الدعم الإيراني.. رجلهم ثابتة في صنعاء وعينهم على باب المندب،وهادي يستصرخ الجوار، والأمم.. والتدويل بات قاب طلقتين.. طلقة، أو أدنى! ليت اليمنيون، يرجعون البصر كرتين إلى الصومال.. ليتهم يسائلون الصوماليين الذين تحملهم مراكب الموت في اليم، ويلامسون ساحل اليمن، عن مصير اليمن في زمن الرصاص الاهلي- الأهلي، وفي زمن العمى.. وزمن عدم إلقاء السمع لكل الأصوات المحبة لليمن ، والتي ارتفعت تنادي على اليمنيين: ان تعالوا إلى كلمة سواء، على هدى الحل السياسي وآليات الحوار الوطني. ليتهم يسألون. إذن لكانت الإجابة: أنج أيها اليمن .. أنج، فقد هلك الصومال. مثل مابات يعرف في الأدبيات السياسية، بالصوملة، هاهو اليمن الآن على حافة ماسيعرف في تلك الادبيات باليمننة. آه من كل هذا الخراب للأوطان.. آه، حين تخرب الشعوبُ بيوتها بأيديها!