فوجئ مواطنو ولاية سنار في زيارة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لهم، عندما وجدوا حرمه السيدة الأولى وداد بابكر برفقته، وإن كان الأمر ليس مدعاة للدهشة فوق المعدل، لجهة أن السيدة وداد، ظلت بجانب الرئيس في لقاءاته الجماهيرية داخل ولاية الخرطوم بدءاً بلقاء الهيئة النسوية مروراً بلقاء الشباب والطلاب، وكانت تتوشح ثوباً يحمل ألوان المؤتمر الوطني «الأبيض والأخضر». ظهور السيدة الأولى بتلك الكيفية يحمل كثيراً من الدلالات، وهو أمر متعارف عليه بأن تساند الزوجة بعلها المرشح للرئاسة، كما فعلت ميشيل أوباما، ومثلما كانت تظهر حرم الرئيس المصري الأسبق السيدة سوزان حتى أنها اقترنت باسمه وبات متعارف عليها باسم سوزان مبارك. وإن كانت السيدة الأولى في السودان لم تبرز بشكل لافت، رغم أن الرئيس الأسبق جعفر نميري كان يحرص أن ترافقه حرمه - أرملته- بثينة خليل، في كثير من المناسبات، بعكس الرئيس الذي قلما ترافقه حرمه خاصة في مناسباته الخارجية. وربما ذلك لأن السيدة الأولى في السودان لم تأخذ طابع المؤسسة بمعنى أن سوزان مبارك كان لها معاونون ومستشارون وبعضهم سفراء، وكانت متمددة إلى حد كبير حتى أن صورها كانت تطبع في بعض الكتب. بينما هنا في السودان تقوم السيدة وداد بمهام كبيرة وحيوية، كما قالت المدير العام لمؤسسة سند الخيرية سامية محمد عثمان، ومعلوم أن السيدة وداد تشغل منصب رئيس مجلس الإدارة في سند،ونوهت سامية في حديثها ل«آخر لحظة» أمس، أن الحاجة وداد -هكذا يناديها رئيس الجمهورية وكل العاملون في سند والمقربون منها- نوهت إلى أن الحاجة وداد باتت تقوم بأدوار أكبر في السنوات الأخيرة شبيهة بالصورة التي تبدي عليها السيدات الأول قرينات الرؤساء، لجهة أنها تشغل حالياً منصب رئيس منظمة المرأة العربية، ونائبة رئيس منظمة على مستوى القارة الأفريقية معنية بالسلام تترأسها قرينة الرئيس النيجيري. بالإضافة إلى سند التي تقوم بعمل كبير، وعقدت شراكات كبيرة وتولت ملفات- والحديث لسامية - مهمة مثل مكافحة الإيدز وعمليات جراحة القلب للأطفال. الحراك الذي تقوم به السيدة وداد وإن كان يتم بشكل هادئ قد يكون مرده إلى أنها ظلت ومنذ مجئ الإنقاذ قريبة جداً من ملفات المجاهدين، والعمل الخاص الذي كان يديره الشهيد إبراهيم شمس الدين، أحب رجال الإنقاذ إلى البشير، ولذلك هي على دراية ومعرفة تامة بكثير من أسرار الإنقاذ وهذا بالطبع سهّل عليها كثيراً من الأمور وجعل تفكيرها قريباً جداً من تفكير الرئيس الذي يولي المجاهدين رعاية خاصة، وكان قد تعهد في سنار بحفظ الراية التي رفعها المجاهدون وضحوا من أجلها. لكن بالمقابل تبدو السيدة وداد بعيدة بعض الشئ من النشاط النسوي سواء في المؤتمر الوطني أو الاتحاد العام للمرأة السودانية، وربما ذلك لكون الملف الأخير تتولاه حرم الرئيس فاطمة البشير، وقد يكون ذلك تقاسماً للأدوار، لكن مع ذلك ظلت تحتفظ بنجوميتها وبوجودها. وسبق أن قال لي شقيق الرئيس محمد البشير، إن افراداً من الأسرة يستشيرون وداد في كثير من شؤونهم. ومما لا شك فيه أن المتابعين لنشاطها يلحظ التطورالكبير في قيامها بمهامها، وذلك ناتج من حماسها للتطوير والتدريب، وقد تلقت كورسات في البروتوكول، كما أبلغني موظف بالقصر، علاوة على ذلك فإن السيدة الأولى أكملت دراساتها العليا ونالت درجة الماجستير في مجال المنظمات من جامعة الرباط وتحضر الآن لنيل درجة الدكتوراة. المقربون من دوائر البيت الرئاسي يشيرون إلى أنها تحرص على مطالعة الصحف مبكراً، وهي تعرف عدداً مقدراً من الصحفيين الذين يقومون بتغطية نشاط مؤسسة سند أو المؤسسات المجتمعية التي لديها شراكات مع سند. لكن ثمة إشارة مهمة في مطالعتها للصحف باكراً مما يشئ أن الرئيس يطالعها معها، خاصة وأن الرئيس يومه يبدأ باكراً، حيث يؤدي صلاة الصبح في ميقاتها ويدلف لبرنامج الرياضة الذي لم يتخل عنه منذ تخرجه من المؤسسة العسكرية، وهذا الوقت يتيح لها الإدلاء بالرأي في كثير من الشوؤن، وهي كما قلنا ملمة بما يجري من حولها، علاوة على ذلك فإنه ليس لديها ما يشغلها بعد أن كبر أبناؤها وتخرجوا من الجامعات، واثنتان من بناتها قريبات جداً من الرئيس، وإحداهما تطلعه حتى على ما يدور في تقنية «الواتساب»، وقد قال الرئيس للغراء الرأي العام: «لو لا نكات الواتساب لكان إنفجر». عدد من القيادات النسوية اللائي استفسرتهن عن وداد، وكان حديثهن متشابهاً، لكن اللافت كانت إشارة إحداهن إلى أن وداد ربة منزل ماهرة، وهذا ما أكدته سامية سند وقطعت بأنها تقوم بطبخ طعامها بنفسها للرئيس وأولادها. ظهور السيدة الأولى الآن ليس بجديد ففي انتخابات 2010 قامت سند بدورات تدريبية في مجال الانتخابات، كما كانت حاجة وداد تقود فريقاً من الشباب من دارها يعملون في مجال التثقيف الانتخابي. لكن السر الذي لا يعرفه الكثيرين أن الرئيس في 2010 وفي جولاته الانتخابية ظهر بزي كان مثار تعليق الكثيرين حيث ارتدي قميصاً بأكمام قصيره ومن خارجه جاكيت صغيرة «أشبه بالصديري»، حتى أن القيادي الجنوبي رياك مشار علّق عليه وقتها. ويقال إن السدة وداد هي صاحبة المقترح لجهة أنه عملي من الحراك الكثيف في الجنوب، وهذا مؤشر أنها تدخل حتى في تفاصيل لبس الرئيس. ومعلوم أن السودان ليس مثل بقية الدول التي يكون فيها «لبيس» فالرئيس ليس لديه مايسمي ب«اللبيس». ومهما يكن من أمر فإن السيدة الأولى واضح أنه سيكون لها دور أكبر في المرحلة المقبلة والتي ستكون الأهم بالنسبة للرئيس.