تميزت المرأة السودانية في كثير من المجالات وأثبتت نجاحها، وصارت لها بصمات واضحة في الحياة، وهناك الكثير من نساء بلادي اللاتي قدمن عطاء غير محدود وأسهمن في تطوير المجتمع.. ومن الأسماء التي لمعت في بداية البث التلفزيوني لجمهورية السودان الأستاذة صفية الأمين التي اشتهرت ب (ماما صفية) من خلال برنامج جنة الأطفال، وموجودة في وجدان كل طفل، وأول إنسان أهتمت ببرامج الأطفال، وتعتبر أول مخرجة تلفزيونية على نطاق الوطن العربي وأول مقدمة برامج بالتلفزيون السوداني. النشأة والبدايات؟ - ولدت في مدينة أم درمان حي البوستة وتخرجت في كلية الفنون الجميلة ونلت دبلوم فنون تلفزيونية تخصص إخراج، ودبلوم (الخدع) السينمائية، ودبلوم أفلام الكرتون، من المانيا الاتحادية، متزوجة من الراحل المقيم محمد حسين بابكر كبير مخرجي تلفزيون السودان سابقاً. ٭ دخولك الإذاعة وأول عمل قدمتيه؟ - دخولي الإذاعة كان في المرحلة الوسطى وأول عمل كان تقديم برنامج حديث الصباح وكنت طالبة في المدرسة. ٭ هل واجهتك مصاعب في العمل الإخراجي؟ - لم تكن هناك مصاعب مهنية، لكن الأمر بدأ غريباً في ذلك الوقت، كوني إمرأة أصدر أوامر لزملائي الرجال، ولكن بمرور الوقت زالت المشكلة وواجهت مشكلة أخرى في بداية اشرافي على برنامج الأطفال، وهي أن الأسر كانت ترفض إشراك أطفالها في البرنامج لاعتقادهم أن التلفزيون سيصرفهم عن مدارسهم، ولذلك استعنت بأطفال أسرتي وبعد نجاح البرنامج زالت المشكلة. ٭ اهتمامك ببرامج الأطفال من أين نبعت الفكرة؟ في الأول ذهبت إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة الإخراج التلفزيوني وارغمونا على دراسة الاشتراكية ورفضنا، وأثناء دراستي للإخراج في المانيا لاحظت الاهتمام الكبير ببرامج الأطفال من قبل التلفزيون الألماني الذي يوفر لها 50% من الميزانية، فسألت المخرج الألماني الذي يقوم بتدرسينا فقال لي هؤلاء هم مستقبل المانيا، فطلبت أن أدرس برامج الأطفال فأشترطوا علي أن أدرس علم نفس الأطفال، وتم تحويلي بعد ذلك ونلت عدداً من الكورسات في كيفية إدارة برامج الأطفال والمتعاونين فيه، والديكور، والموسيقى الخاصة بهم، وعند عودتي للسودان عملت بالتلفزيون القومي ولاحظت وقتها الغياب التام لبرامج الأطفال، فقدمت اقتراحاً أنا وزوجي المرحوم محمد حسين لمدير التلفزيون وقتها الأستاذ علي شمو فوافق عليه، وتم تكوين لجنة لاجازة المواد، ووضعت اللبنات الأولى للبرامج وانطلق برنامج (جنة الأطفال) وأثبت وجوده بصورة كبيرة. ٭ من الذي ساعدك وشجعك على إدخال برانامج الأطفال؟ - مدير التلفزيون في ذلك الوقت الأستاذ علي شمو رحب بالفكرة، وكان زمن البرنامج ثلث ساعة، وطالبنا بزيادة زمنه، وكلما زاد نجاح البرنامج زاد زمنه، وفكرنا بتقسيم البرنامج إلى فئات عمرية ووجد قبولاً كبيراً. ٭ المواهب التي تخرجت على يديك والشخصيات المشاركة معك في البرنامج؟ - قدم البرنامج الكثير من المبدعين أمثال الفنان محمود عبد العزيز، والصحفية عفاف حسن أمين، ويسرية محمد الحسن، وليلى عوض، والدكتور عبد الباسط (عزوز) ومنى أبو العزائم، ومن المشاركين أيضاً محمود الصباغ (الجد شعبان)، والأستاذ عبد اللطيف عبد العزيز، ولكن بعد ذلك توقف عطاء البرنامج ولم تظهر منه أي مواهب. ٭ ما السبب وراء ذلك؟ - لأنه أصبح يفتقد لمقومات البرنامج الناجح وغير المدروس، فقديماً كنا نؤهل الأطفال ونشركهم في البرنامج مثال لذلك المذيعة يسرية محمد الحسن وليلى عوض فهما من أفضل المذيعات في الساحة لغةً. ٭ كيف ترين برامج الأطفال؟ - أولاً أنا ضد فكرة تقديم الأطفال لبرنامج الأطفال، لأن الهدف منه تقديم رسالة والطفل لن يستجيب لطفل مثله، كما أن هذه البرامج التي تقدم لهم غير جاذبة من ناحية التقديم والديكور، بالإضافة إلى أن المادة المقدمة لهم غير مواكبة لثورة التكنلوجيا التي اجتاحت العالم، وحتى مقدميها ليست لهم علاقة ببرامج الأطفال، مما أدى إلى هروب الأطفال إلى القنوات الخارجية التي تختلف عن عاداتنا وتشبعهم بثقافة غير ثقاتنا. ٭ مشاركتك في المجال الصحفي؟ - لم أمكث فيه طويلاً عملت كصحفية متعاونة بجريدة الأضواء، وأول حوار لي كان مع العزة زوجة علي عبد اللطيف نشر سنة 1986م. ٭ آخر برامجك الإذاعية؟ كان برنامج من مدارسنا، فكرة البرنامج الطواف بالمدارس لاكتشاف المواهب، وطفنا بعدد من الولايات والمدن منها الجنينة- الدمازين- الجزيرة.. بالإضافة إلى أطراف العاصمة، وكان الهدف منه تزويد الثقافة وتحقيق السلام. ٭ ما رأيك في واقع الإعلام الآن؟ - أضعف إعلام في الوطن العربي، لأن الدولة لم تعطه اهتماماً، بالإضافة إلى أن إعلامنا نفسه يعكس صورة سالبة عن واقعنا الجيد بما يبثه من مناظر للحروب والنزاعات التي تحدث داخل البلد، كما أن القنوات الفضائية أيضاً تعمل ضدنا بإعطاء انطباع غير واقعي لبلدنا دون أن يكون هناك دور أو رد من الأجهزة الإعلامية، ويجب على الدولة أن تخصص ميزانية أفضل لتطور الإعلام. ٭ النشاط السياسي للأستاذة ماما صفية.. انتماؤك للاتحاد الديمقراطي وراثه أم ميول فكري؟. في البداية وراثة ثم أصبح قناعة، ورثته من الخال الأستاذ مبارك زروق الذي كان يصطحبني معه لحضور الندوات وأنا طفلة صغيرة، ثم بعد ذلك أصبح قناعة وفكراً. ٭ زملاء الدراسة من الشخصيات المعروفة فاطمة عبد المحمود حدثينا عنها؟ - هي من الأصدقاء المقربين فاطمة عبد المحمود إنسانة مجتهده وعموماً المرأة السودانية تفوقت على أية إمرأة في العالم في كل المجالات. ٭ إسهاماتك الحالية؟ - عضو الهيئة القيادية للحزب الاتحادي وعضو اللجنة المركزية لولاية الخرطوم، وأمينة أمانة المرأة بولاية الخرطوم، وشاركت في لجنة تقييم البرامج التلفزيونية، بالإضافة إلى مشاركتي في لجان أخرى. ٭ ماذا تودين أن تقولي في الختام؟ - لا أريد سوى أن أنقل خبراتي الإعلامية إلى جيل الشباب وبدون مقابل، وأحمل المسؤولية للدولة لعدم توفيرها برامج صحيحة للأطفال، وتقول إنها تخاف أن تمضي حاملة معها هذا العلم والخبرات، ولذلك تريد أن تفرغ علمها في عقول وصدور شباب بلادها. ولكن لا حياة لمن تنادي، لا من مسؤولي التلفزيون ولا من غيرهم.