بعض الحكمة تجدها فى الحافلات ، ( واقفين تحننوا .. راكبين تجننوا) فالراكب وهو يقف فى المحطة يكون رقيقا ولطيفا ومبتسما يتمنى ان تتوقف الحافلة حتى يركب فاذا ركب انقلب الى النقيض وبدأ فى الاحتجاج على السائق اذا توقف مرة اخرى ليزيد من عدد المشمعين معه . امر المرشحين قريب من ذلك ، (يحنسو ) المقترعين بشتى الوسائل ويهبط عليهم التواضع ويكونون فى قمة الحنية والبساطة ويجيدون فن الإصغاء ويؤكدون للمواطن انه سيد كل شئ وانهم لم يترشحوا الا ليخدموا سيادته ويكونوا رهن اشارته وطوع بنانه وان انتخابهم هو الطريق الوحيد لسعادته وتحقيق آماله وتطلعاته ويبذلون وعودا تعجز الحكومات عن تنفيذها ناهيك عن الافراد ، بل ينفقون انفاق من لايخشي الفقر. وللمرشحين فى كل انحاء العالم فنون فى جذب الناخبين ، ففى بعض البلدان الغنية تولم الولائم الفاخرة لاطعام كل أهل الدائرة تحت شعار (اطعم الفم تستحى العين ) والمواطنون يتنقلون بين موائد المرشحين مستمتعين بها ، ويصبح الحديث منصبا حول اى موائد المرشحين ادسم ، وايها اطيب مذاقا ليتحول البرنامج الانتخابي الى منافسة لكسب ود المصارين. الاستاذ عبد الله عبيد حدثنا عن امر قريب من هذا حدث فى الجزيرة فى الستينات اذ دعا احد المرشحين الطائفيين الى تجمع انتخابى حاشد فى ليلة من ذات الليالي وفى الصباح ذهب اليساريون ليتبينوا اثره فسألوا احدهم عن الذى حدث فقال لهم ( اسكتوا ساكت ... جنس سعية جابوها ) طيب قال شنو ؟ - يقول شنو .. الابل جخ ( ضبح يعنى ) والتيران جخ . ياخى برنامجو شنو؟ برنامج ايه !! ياخى الضأن جخ على الطلاق الشية ماعرفنا نوديها وين ، بس الشربوت مافى علا لقينا البهضم ، ولم يخرج السائلون الإ باحاديث الطعام ومتعته التى ترفع كلوسترول اليسار وتتسبب له فى الذبحة النيابية. فى ايام الانتخابات فان المرشحين يوفرون للناخبين وسائل التنقل الى مراكز الاقتراع (ويحنسوهم حناسة) ليركبوا اما بعدها فليس امام الناخب الإ التونسية اذ يصبح فضل الظهر خطيئة لايأتونها ابدا لانها تعطل مصالحهم ولايجد المواطن المسكين الإ الغبار يكتحه والصدود يوشحه ولانشك ان المرشحين ( الإ من رحم ربي ) يجمعون ماتبقى من عجين الولائم ليسدوا به اذانهم ليتفرغوا لتعويض خسائرهم لذا يحرص بعض الناخبين بان يشبعوا قبل ان( يُلْبعوا ) .