قادني فضولي الصحفي أن أدلف إلى مركز الشهيد بشير فرح بالدروشاب ببحري ، أردت أن تكون المسألة «شوف عين».. كانت الأوضاع هادئة وروتينية مثلها وانتخابات العام 2010م.. عندما وصلت الصحيفة وضمن تكليفات فريق العمل طولبت بزيارة مركز اقتراع بداخل سجن كوبر، راقت لي الفكرة وصلت بعربة الصحيفة إلى سجن كوبر، كانت الحركة كثيفة، لكن سرعان ما شعرت بأنني في سجن وأنني أحد نزلائه، قارنت بينه ومركز الدروشاب، حيث حرية مطلقة.. المهم قادني شرطي بالاستقبال بعد أن تفحص هويتي إلى مدير السجن تعامل معي بشكل راقٍ بعد أن وجد بحوزتي البطاقة التي خصصتها المفوضية للصحفيين وسرعان ما رفدني بحزمة توجيهات كان أولها عدم التقاط صور لنزلاء ولا للعاملين مع عدم الحديث لا مع النزلاء أو منسوبيه. لاحظت عدداً من النزلاء كانو سعيدين وهم يدلوم بأصواتهم وربما لأن البرنامج بالنسبة لهم فيه بعض التغيير وخروج عن الروتينية القاتلة خلف الأسوار، أو ربما كانوا يريدون أن يقولوا رأيهم بكل حرية، تلك الحرية التي حرم منها بأسباب مجهولة بالنسبة لنا. داخل السجن توجد ثلاث لجان إحداها خارج أسوار السجن في باحته الخارجية وهي متاحة للمواطنين سكان «القشلاق» والنزلاء والاثنان داخل السجن.. خالجني شعور فيه كثير من التناقض، حيث بت سجيناً وذلك أن أحد «العساكر» كان يرافقني مثل ظلي ومع ذلك لم أتضايق البتة، فجميل أن تشارك البعض «سجنهم» إلى أن غادرت السجن بعد قرابة الساعة أو أقل بقليل. التناقض الثاني أنني صادفت ضباطاً كانوا يدلون بأصواتهم، ونزلاء كذلك ويوم أمس تساوت «الرتب» من لواء إلى رتبة الجندي وحتى النزيل. بالمركز رقم (14) داخل السجن لاحظت الإقبال على صناديق الاقتراع، رئيس المركز محمد داؤود قال إن عملية الاقتراع تسير بصورة سلسة ولا توجد أي إشكالات، وأشاد بإدارة السجن لتعاونها معهم وتوفير جميع الاحتياجات وتهيئة بيئة العمل، وقدر عدد الناخبين النزلاء بحوالي (1600) نزيل يمارسون حقهم الدستوري، وأبان أن بعضهم حرصوا على الحضور للإدلاء بأصواتهم بعد تسجيلهم بالمركز وخروجهم من السجن بعد انقضاء مدتهم، وتوقع زيادة الإقبال على التصويت في اليومين المقبلين. أما رئيس اللجنة الأولى بالمركز أحمد عباس قال لي إن هناك عدة زيارات للمركز بصورة عامة من مراقبين دوليين ومحليين ووفد من منظمة الدول العربية ورئيس البرلمان العربي والإعلام المرئي ووكلاء أحزاب ومرشحين للدوائر الانتخابية. وأشاد رئيس اللجنة الثالثة بمركز السجن إبراهيم مدثر بوعي الناخبين ومعرفتهم لحقوقهم التي كفلها لهم القانون. ومهما يكن من أمر لاحظت أن عدداً من النزلاء الذين أدلوا بأصواتهم من الشباب، كان نحو ثلاثة منهم دون الثلاثين بقليل، وقطعاً هؤلاء كانوا يمنون أنفسهم أن يدلوا بأصواتهم في صناديق الحرية.. الحرية التي شعرت بقيمتها لحظة أدرت ظهري للسجن.