أكثر المتفائلين لا يتوقع صدور قرار من المؤسسات الدولية بإعفاء ديون السودان بسهولة ويسر، مبعث القلق ربما مرده إلى أن تعامل المؤسسات الدولية تجاه قضايا البلاد يتم بمكيالين، والأمر ربما بات واضحاً في كافة اجتماعات المؤسسات المالية الدولية التي تتحجج بحجج واهية للإبقاء على ديون السودان الخارجية. تخدير ووعود: مراقبون وخبراء في الشأن الاقتصادي اعتبروا اجتماعات الربيع الأخيرة لصندوق النقد والبنك الدوليين لحل ديون السودان محاولة لتخدير الشعب السوداني وإيهامه بأن الظروف الاقتصادية ستتحسن وأن المجتمع الدولي على أتم الاستعداد للمساهمة في رفع الديون وحل الأزمة الاقتصادية، ومضوا للتأكيد على أن الاجتماعات السابقة لم تتجاوز مرحلة الوعود، ويتجه ذات الخبراء للتشديد على أن ملف ديون السودان الخارجية يخضع لأبعاد سياسية وضغوط من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على المجتمع الدولي، وأن التطورات في علاقات السودان الخارجية والمواقف الأمريكية الأخيرة تجاه السودان ورفع الحظر الجزئي عن السودان قد يساهم في معالجة الديون الخارجية، خاصة وأن السودان قد استوفي الاشتراطات المفروضه عليه، ورهن الخبراء حل الأزمة الاقتصادية بالتخلي عن سياسية التحرير الاقتصادي وإيقاف الحرب، بجانب التحرك الدبلوماسي للعمل على حل قضية الديون قبل انقضاء الأجل المحدد لها، ويرى ذات الخبراء أن مسألة إعفاء ديون السودان الخارجية ارتبطت بتجاذبات سياسية ما بين واشنطن و الخرطوم، حيث إن واشنطن تربط منح الدعم و إعفاء الديون بشروط قاسية وغير موضوعية. الخبير الاقتصادي د. كمال كرار وصف اجتماعات المؤسسات المالية الدولية بالمكررة وغير المثمرة على مدى الخمس سنوات السابقة، وعزا كرار الأزمة الاقتصادية إلى السياسات المسماة بسياسة التحرير الاقتصادي. ومضى لتوصيف قصة إعفاء الديون ب «حجوة أم ضبيبينة»، وقال إن العالم لايستطيع إعفاء ديون السودان. مشيراً إلى الميزانية المخصصة لقطاعي الأمن والدفاع التي أشار إلى أنها تستنزف أغلب موارد الدولة، وأضاف «عندما ينظر صندوق النقد إلى الموارد المتاحة في السودان وكيفية إنفاقها فإن الإشارة هنا تكون واضحة بأن بلادنا ليست فقيرة للغاية، وهي بالتالي على أتم الاستعداد لدفع ديونها إن كانت جادة في سدادها»، مشيراً إلى أن مبادرة إعفاء الديون تستند إلى عاملين، العامل الأهم فيها مخصص للبلدان الأكثر مديونية في العالم و الأكثر فقراً، ويرى كرار أن تلك العوامل لا تنطبق على السودان الذي يتميز بموارد كبيرة وثروات هائلة من بترول أو ذهب أو أراضي أو غيرها. أبعاد سياسية: بالمقابل قال الخبير الاقتصادي د.محمد الناير ل«آخرلحظة» إن قضية عدم إعفاء ديون السودان لم ينظر لها من جانب المعايير الفنية والتي أوفت من خلالها الحكومة بالاشتراطات الاقتصادية بالكامل من حيث مطابقة الدين وحجمة أوإعداد إستراتيجية مكافحة الفقر، وشدد على أن عدم تحرك الملف مرده لأنه يخضع لأبعاد سياسية وضغوط من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على المجتمع الدولي. بجانب إصرار واشنطن على تجديد العقوبات سنوياً على السودان منذ العام 1997م والذي يخضع لقضايا سياسية. وتوقع الناير أن يكون هنالك تغيير في النهج خلال المراحل القادمة لجهة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت جادة في إصلاح شأن مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين، وأن عدم حيادها سيمنح مجموعة «البركس» الاقتصادية قوة أكثر، مشدداً على أن جدية الولاياتالمتحدة في إصلاح المؤسستين سيصب إيجاباً في مصلحة السودان، ويجعل وعود إعفاء الديون أكثر جدية. وكانت قد عقدت بمدينة واشنطن الاجتماعات السنوية للمجموعة الأفريقية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وشارك السودان بوفد رفيع المستوى برئاسة وزير المالية والاقتصاد الوطني ومحافظ البنك المركزي عبدالرحمن حسن واللجان الفنية من بنك السودان ووزارة المالية، حيث استعرضت الاجتماعات التقارير السنوية التي تتابع النشاط الاقتصادي والاجتماعي بالقارة الأفريقية ومدى إمكانية توفير الدعم والخدمات للنشاط الاقتصادي بأفريقيا. وقدم السودان تنويراً كاملاً حول أداء الاقتصاد السوداني، مؤكداً المساعي للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي رغم المستجدات التى تطرأ على مسيرة التنمية في البلاد والقارة الأفريقية.