ما زالت التصريحات تتقاطع حول إتجاه مسار العلاقات السودانية الأمريكية خاصة التصريحات الأخيرة التي أطلقتها وزارة المعادن عن اتجاه أمريكا لدخول مجال التعدين في السودان، بعد أن طلب القائم بالأعمال الأمريكي تنويراً عن المعادن في السودان، مع العلم أن أمريكا ظلت ومنذ العام 1997 تجدد العقوبات المفروضة على السودان، فيبدو السودان كمن يلهث لالتقاط اي تصريحات من المسؤولين في أمريكا تصب في اتجاه رفع الحظر، فيظهر تقييم السودان غير منطقي في مثل هذه التصريحات، وأخذها على محمل الجد باعتبارها ليست بالجدية المطلوبة، وقلل الخبراء الاقتصاديون من هذه التصريحات، داعين لاتباع استراتيجية الصمت وعدم الإعلان عن اي مشروعات لحين نضجها، الخبير الاقتصادي الرئيس الاسبق لمجلس إدارة البنك الفرنسي دكتور عز الدين ابراهيم دعا الى ترك التصريحات للدول فيما يتعلق بالإعلان عن القروض أوالمنح أو الاتجاه للاستثمار في السودان، وقال ليس من حق المسؤولين بالحكومة الإعلان عنها نيابة عن الدول الأجنبية.. داعياً الى اتباع استراتيجية الصمت لحين، وعدم الإعلان عن اي مشاريع قبل أن تتحقق حتى لا تضطر الجهات المسؤولة لنفيها لكي لا تتأثر هيبة الدولة، واعتبر بعض التصريحات الصادرة من القنصليات العربية والأوربية تأتي بصورة رمزية أو كتعبير عن الكرم لا يجب التعامل معها بجدية.. وقال إن الحديث عن اتجاه أمريكا للاستثمار في مجال المعادن في السودان تدخل فيه جهات متعددة، ولابد أن يسمح الكونغرس الأمريكي بذلك.. مشيراً الى أنه ليس للرئيس الأمريكي وحده الحق في اتخاذ اي قرار.. مشيراً الى أن الدستور في أمريكا فكك السلطة ولم يتركها في يد شخص معين وأضاف أن التصريح فيما يتعلق بالاستثمارات الأمريكية يجب أن يصدر من الإدارة الأمريكية نفسها، وليس من وزارة المعادن السودانية.. وقال إن السودان ليست لديه مشكلة مع أمريكا إلا أنه قال إن أمريكا لديها مشكلة مع السودان، وعليها أن تحلها قائلاً إنها اغلقت ستي بنك وشركة موبل اويل ولم يقم السودان باغلاقها وفرضت عقوبات على السودان دون وجه حق. ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم دكتور محمد الجاك أن السياسة الأمريكية ثابتة ولا تتغير.. مشيراً الى أن لديها موقف من التعاون الاقتصادي مع السودان مرتبط بالمقاطعة، واستبعد أن يتم استثمار أمريكي بصورة قانونية في السودان سواء في مجال المعادن أو غيره.. وقال ربما هناك بعض الشركات جاءت للاستثمار في السودان، لكنها واجهت عقوبات أمريكية ودفعت غرامات كبيرة وقال إذا ظهر مثل هذا الاتجاه للاستثمار الأمريكي في السودان يجب أن تتبناه الدولة ولا يأتي عبر شركات، وعلى الإدارة الامريكية أن تعلن هذا الأمر.. وأضاف أن الإعلان يعني أنها غيرت سياستها تجاه السودان.. وقال إن الحديث عن اتجاه أمريكي للاستثمار في مجال المعادن في السودان قد يكون مجرد رغبة من بعض الشركات ولا يعني أنها تريد كسر الحظر، كما لا يعني أنه اتجاه لإعادة العلاقات مع السودان وتغيير وجهة النظر الأمريكية تجاه النظام القائم.. مشيراً الى أن لديها مآخذ عليه وقال إذا غيرت الحكومة سياستها يعني علاقات اقتصادية قوية ومرنة تستفيد منها الدولتان.. أما المحلل المصرفي والخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي قال إن أية خطوة في اتجاه ترميم العلاقات على الصعيدين التجاري والاقتصادي، لابد أن تصب إيجاباً في إعادة العلاقات السودانية الأمريكية في مجملها، وأضاف كلما ارتبطت مصالح الدولتين اقتصادياً أدى الى مزيد من الانفراج في العلاقات وتقويتها في كافة المجالات، وأضاف أنه لا شك أن دخول الشركات الأمريكية مجال الاستثمار في قطاع مهم وحيوي بالنسبة للاقتصاد السوداني كقطاع المعادن، يعتبر خطوة إيجابية للغاية.. مشيراً الى أن السودان يملك من المعادن كميات كبيرة من حيث تعدد أنواعها، ومن حيث كمياتها، ويأتي الذهب في مقدمتها.. وأضاف أن الشركات الأمريكية تملك أساليب متطورة في مجال الاستكشاف والاستخلاص عبر تكنولوجية متطورة.. قائلاً إذن تضافر الجهود بين البلدين لابد أن يثمر في دفع العلاقات وتطويرها بما يحقق نهضة كبرى في هذا المجال، ما ينعكس بقوة في دفع ميزان المدفوعات السوداني، وبالتالي دعم حصيلة البلاد من العملات الأجنبية ويقوي العملة الأجنبية والوطنية، ويساهم في سد العجز في ميزان المدفوعات.. وقال في كل ذلك دفعة قوية ليبلغ الاقتصاد السوداني عافيته.