عندما غادرت السودان في عام 1957م تركت اللغة الانجليزية بالسودان في أحسن أحوالها.. الكل يتكلم لغة انجليزية مفهومة ويكتب اللغة بخط إنجليزي جميل ومقروء cursive h. writing إلى أن جاء المستر G. Bright في الخمسينيات واعتبر السودان من دول العالم الثالث، وفرض علينا طريقة الكتابة التي نستعملها حالياً MANUSCRIPT WRITING التي أفقدت الكتابة الرونق الجميل وأبعدتنا عن كل دول العالم المتحضر. وعندما عدت إلى السودان بعد غربة دامت ثلاثين سنة عملت فيها مدرساً للغة الانجليزية في (أرامكو) المملكة العربية السعودية وجدت حال اللغة بالسودان قد تبدل- خريجو الجامعات لا يتحدثون الانجليزية بطلاقة، وموظفو المرافق الأخرى لا يفهمون ما يطلب منهم بالإنجليزية حتى الذين في مناصب إدارية في الدولة لغتهم الانجليزية (تخجِّل). هذا التدهور الذي حدث للغة الانجليزية في السودان خلال هذه الفترة أصابني بالذهول وجعلني أتحسر بحدسي كمدرس تقليدي، حاولت أن أعرف أسباب هذا التدهور المريع، فزرت بعض المدارس الثانوية الخاصة والحكومية متطفلاً.. هالني ما لاحظت وما شاهدته كطريقة تدريس اللغة الانجليزية في تلك المدارس. بعض المدرسين يهاب استعمال السبورة، لأن خطه سيء وهو غير متأكد من تهجية المفردات، وبعضهم لا يستعمل جملاً مربوطة كاملة عند حديثة بالإنجليزية، ويعتمد على مفردات متباعدة، والقاسم المشترك بين كل المدرسين هو عدم التدريس بطريقة موحدة.. كل مدرس له طريقة لنفس المادة تختلف عن الآخر.. لا مراجع في المدارس تعين المدرس في تحضير مادته.. كلها اجتهادات فردية وبهذه الطريقة تكثر الأخطاءاللغوية في قواعد اللغة. من متابعاتي وجدت أن أسباب هذا التدهور المريع يرجع إلى الآتي:- /1 عدم وجود مقررات متدرجة مناسبة للبيئة السودانية. /2 افتقاد المدرسين للتدريب المتواصل خلال العام الدراسي وقبله والإرشاد المستمر من قبل الموجهين. /3 عدم وجود طريقة تدريس موحدة متفق عليها لكل المدارس ومتدرب عليها لكل درس على حده. /4 افتقار المدارس لوسائل الإيضاح وإعانة المدرس برفيق SUPLEMENTARY COMPANION يحوي شرح القواعد اللغوية لكل المراحل ويرجع إليه المدرس مستعيناً. باجتهادي الفردي دون العون من أحد حاولت أن أقدم خدماتي لأبنائي الطلبة وأعرض خبرتي فوضعت الآتي:- أولاً : كتاب خط CURSIVE H. WRITING ليدرس حتى نصلح الخط الرديء للمدرس والطالب وقام بنشره وطباعته رجل العلم الأستاذ/ محمد صالح صاحب ومدير مدارس المعاهد البريطانية، ولكن لم يستعمل الكتاب لأن الذين درسوا اللغة بعد عام 1960م درسوا بطريقة أل MR. BRIGHT فكتبت بخط يدي كتاباً آخر على الطريقة المتبعة الآن HANDWRITING W.BOOK. ثانياً: ألفت كتاب لغة انجليزية شامل لكل ما يحتاج إليه المتلقي من قواعد اللغة الانجليزية السيارة المستعملة في التخاطب واسمه BASICS OF ENG IN USE وهو يشتمل على أساليب حديثة عبر التدريبات التي اهتمت بأسلوب الإحلال في اللغة SUBISTITUTION DRILCS METHOD قال عن هذاالكتاب الدكتور حمدان أحمد حمدان رئيس قسم اللغة الإنجليزية بالمركز القومي للمناهج والبحث التربوي- بخت الرضا «إنه عمل يثري مناهج اللغة الانجليزية ويساهم في رفع التحصيل الدراسي ومعين لمعلم اللغة الانجليزية.. وقد اقترح هذا الكتاب كمرجع ورفيق لمدرس اللغة. ثالثاً: ساهمت بمراجعة قاموس اللغة الانجليزية المبسط THE SIMPUFIED ENG DICTIONARY الذي كتبه الأستاذ العلامة المرحوم/ يحيى حسين يعقوب مساهمة منه في تطوير ومساعدة الطالب الثانوي والجامعي بأسلوب أدبي شيق، يختلف اختلافاً جوهرياً عن أي قاموس إنجليزي عربي معروف. فيه المفردات مشروحة بطريقة أدبية مبسطة.. وهناك أيضاً شرح مبسط في كيفية تهجية المفردات وكيفية نطق الكلمات الانجليزية.. وقد قام بنشره وطباعته رجل الأعمال البار وراعي جامعة أم درمان الأهلية السيد/ صالح عبدالرحمن يعقوب، كما تكفل بطباعة كتابي الثاني، وقد أهدى السيد صالح هذا القاموس لكل الجامعات السودانية ليستفيد منه أكبر عدد ممكن، وقد راجعته وحدة المناهج ببخت الرضا وأقرته واقترحته لوزارة التربية، وكان الأجدر أن توزعه الوزارة لكل طلاب المرحلة الثانوية ولكنها لم تفعل ولم ولن تهتم. رابعاً: أرسلت خطاباً إلى الدكتور يحيى صالح مكوار وزير تنمية الموارد البشرية الذي قال في الصحف إنه درب (500) مدرس لغة إنجليزية وتم توزيعهم على مدارس الولاية، وقد اقترحت عليه أن يهدي كل مدرس نسخة من كتابي ليكون رفيقاً (COMPANION) ليساعدهم في شرح قواعد اللغة بالطريقة البسيطة التي وضعتها، ولكن للأسف لم يتصل بي. كل هذه الكتب التي تكلمت عنها تصلح كمادة إضافية مساعدة ومعينة ولا تتعارض مع مناهج الوزارة البائسة. هذه بعض محاولاتي الجادة في تطوير وانتشال تدهور اللغة الانجليزية، وهذه مقترحاتي للتطور والانتشال:- 1- إعادة كتابة الكتاب الأول والثاني في المنهج الحالي المسمى سباين spine ليواكب الطريقة الحديثة التي تحدثنا عنها وهي طريقة الإحلال والتبديل SUBISTITUTION METHOD. 2- الاستمرار في تدريس بقية سلسلة SPINE بعد تحديد طريقة تدريس موحدة ويتدرب عليها جميع مدرسي اللغة الانجليزية. 3- تكوين مكتبة مصغرة في المدارس الثانوية تحتوي على كل الكتب العالمية المبسطة SIMPLIFIED REDERS حتى يتسنى للطلاب الاطلاع وزيادة الإلمام بمفردات اللغة، هذه المكتبة تقوم بالعون الذاتي بمساهمة كل طالب بمبلغ جنيه واحد شهرياً، هذا بالطبع يحتاج إلى المدرس الحاذق الخلاق كما فعل الأستاذ المرحوم يحيى حسين في مدرسة كوستي الوسطى في الأربعينيات، عندما كون لنا مكتبة مكتملة بالعون الذاتي، وكانت تحوي كل الكتب العالمية المبسطة، وكنا شغوفين بالقراءة إلى أن قرأنا جميع الكتب، فاضطر الأستاذ الجليل يحيى حسين لتبسيط كتاب PINECHIO وطبعه على نفقته ليستمتع طلبته بمغامرات بنيكيو. 4- التدريب المستمر للمدرس INCERVICE TRAINING . 5- منح المدرس كتاب THE BASICS OF ENG INUSE ليكون رفيقاً يحتاج اليه عند تحضير قواعد اللغة لما يحويه الكتاب من شرح وافٍ لكل أبواب اللغة بطريقة مبسطة وأمثلة وتمارين كثيرة. 6- تدريب المدرسين على استعمال طريقة التبديل والإحلال مراراً، وعدد من المدرسين الذين استعملوا هذه الطريقة المتبعة في كثير من الدول على استعداد للمساعدة في عقد كورسات تدريبية للمدرسين إن احتاج الأمر- هي طريقة ممتعة للطالب وتجعله يردد اللغة مع المجموعة ومنفرداً لكنها متعبة للمدرس الكسول. ٭ وبالله التوفيق. ٭ مدرس لغة إنجليزية تقليدي متقاعد