ما أقوله اليوم سبق أن قلته في وقت سابق من رمضان ماضٍ، ولأن لا جديد حدث أعيده اليوم ولن أتحرج في إعادته طالما أن الحال (ياهو ذاتو الحال)، ففي كل بلدان العالم يسعد الناس ويبتهجون ويتفاءلون خيراً مع مولد كل محطة فضائية جديدة، على عكس حالنا نحن الذين نضع أيدينا على قلوبنا كلما سمعنا بهكذا أخبار، ليس لأننا لا نعرف التفاؤل أو حسن الظن، ولكننا دون خلق الله في الأرض يتسرب التوجس والخوف إلى قلوبنا لأن التجارب علمتنا أن صناعة قناة فضائية عندنا دائماً ما تأتي على عجلة ودون دراسة واستعداد ولأننا دائماً ما نستسهل الأمر، ولنا في ذلك تجارب وأمثلة عدة، بدءاً بقناة (هارموني) و(زول) و(الأمل) وحتى (سنابل) الخاصة بالأطفال، كلها تجارب جاءت على عجل ومضت على حال سبيلها بعد أن تركت في القلب وجعاً، وفي الحلق غصة، لذلك اقول أنني لم أكن متفائلاً أبداً بقناة (النيلين) رغم أنها وليد شرعي للقناة الفضائية السودانية، ورغم أن كل الدلائل والمؤشرات كانت تقول إنها ستجئ بالشكل الذي يرضي طموحات كل السودانيين قبل الرياضيين باعتبار أن الدولة ستصرف عليها صرف من لا يخشى الفقر.. ولكن ماذا حدث؟ جاءت النيلين دون أن تحمل من جمال وروعة الاسم الذي تحمله شيئاً، ولم تخذلني في ما ذهبت إليه، وكانت بداية مناظر الفيلم التراجيدي هي الصورة التي لا تشبه الصور في أفقر القنوات الفضائية في العالم، ولن أقول إنها صورة باهتة لأن الوصف لا يصور المراد والظاهر للناس، ولكنها صورة أقل ما يمكن أن نقوله فيها إنها ترهق العين، ومع ذلك لم نحفل بالأمر كثيراً وقلنا إن البرامج ستنسينا، وجاءت البرامج بأكثر من عادية ودون خارطة برامجية واضحة، وأيضاً لم نهتم كثيراً وقلنا إن الأيام كفيلة بتغيير هذا الواقع وستنسينا القناة كل ذلك بمتابعتها للأحداث الرياضية والنقل المباشر لمباريات الدري السوداني، فنجحت في البعض ولم توفق في البعض الآخر، وقلنا (مالو) فالقناة ستمتعنا في رمضان بالمباريات والبرامج الرياضية المسجلة، ويومان مران من الشهر الكريم، وما زال مسلسل الخذلان مستمراً . والسؤال لماذا قامت هذه القناة أصلاً طالما أنها ستخرج على الناس بهذا الشكل، وطالما أنها لم تخضع لأي دراسة قبل الإقدام على هذه الخطوة، وما هي الرؤية والأهداف؟ وهل تعاني القناة من خلل في الإدارة أو الكادر البشري؟ وإذا سلمنا جدلاً أن القناة بلا ميزانية لإستيعاب الكادر صاحب الخبرة، فما الذي يمنع القناة من الاستعانة بمكتبة التلفزيون الرياضية وبث المباريات القديمة، وبالاخص تلك التي لها مناسبات سعيدة في نفوس الناس وذاكرتهم، فما نعلم أن بث المباريات القديمة يجد وقعاً طيباً في نفوس المشاهدين ويمثل لهم متعة خاصة ومادة تلفزيونية خفيفة وسريعة الهضم، وخاصة في شهر رمضان هذا غير البرامج الأخرى (القديمة) وفيها ما يمثل تاريخاً أحوج ما يكون فيه الرياضيين لمعرفته والتعلم منه، بدلاً من إنتاج برامج جديدة ينقصها الكثير، بداية من تقديم الوجوه النسائية المبتدئة التي تحتاج للكثير من التدريب، ولا أريد أن أضرب مثلاً بهذه الوجوه حتى لا أصيب (صويحباتها) بالإحباط وهن في بداية الطريق، والسؤال المهم ماذا قدت قناة النيلين (1) حتى تكون هناك قناة أخرى جديدة باسم النيلين.(2) .. عموماً لا أريد أن أقول ما حدث هو الفشل بعينه، لأنني لا أحب استخدام هذا الوصف، ولكني أقول أن القناة لم تنجح في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها، وأنها تحتاج للمزيد من الدراسة والمراجعة، وتحتاج الميزانية التي تحقق أهدافها لأننا نعلم أن اي عمل بلا ميزانية لن ينجح.