رغم تواضع المكان واكتظاظه بكثير من الأثاث القديم الذي آثرت الجهة المستضيفة تركة في تلك الحجرة التي تأوي منظمة متحدي الإعاقة بولاية الجزيرة، إلا أن المشهد كان كبيراً ومؤثراً، حيث اجتمع نفر من الذين إقتطعت الأقدار جزءاً من أجسادهم، أو فارقت الحياة بعضها، كأسرة واحدة يلتئم شملها كل أسبوع في برنامج «لمتنا» للترويح عن أنفسهم بما حباهم الله بها من مواهب متعددة، يتفاعلون معها على نحو يثير الدهشة، ويبرزوا قوة الإرادة المتجاوزة لحدود الإعاقة، قبل أن يجمعوا المبالغ المتفق عليها أسبوعياً لأغراض الدعم الاجتماعي لبعض العضوية، فيما يتعارف عليه ب«الختة». وفي خضم أمواج النسيان الحكومي لهذه الفئة الصابرة على البلاء، تبرز سفن الأمل بأشرعتها البيضاء تحمل على متنها زاداً طيباً يقيم الأود، ويكفي ذل الحاجة، على نحو ما فعلت منظمة يستبشرون الخيرية التي استهدفت «50» من أسر أعضاء منظمة متحدي الإعاقة بكيس الصائم في بادرة جسدت همة شباب قاموا على هذا الأمر بجهد خالص، واعتمدوا على اشتراكاتهم وشيئاً من دعم نفر كريم اختصهم الله بقضاء حوائج الناس. ٭ الوصول لكل المحتاجين: ونجد أن شعبنا «الخلوق» قد عرف بقيم الكرم، وحب الخير، ومساعدة الفقير، فكان هذا هو الموروث من الآباء والأجداد وهو ما تمت صياغته على الورق ليعلن به ميلاد منظمة يستبشرون الخيرية، لتصبح بمثابة الأم التي لا تغفل عن أبنائها لحظة واحدة، تسأل، وتطعم، وتكسو، وترقي، وتكفل، وتؤكد استمرارها رغم ما تلاقيه من معاناة، وجاء إنشاء منظمة يستبشرون بحسب رئيسها الشاب حاتم السماني إبراهيم عباس، لتحقيق أهداف النفير، والمساهمة في العلاج، وتوزيع المواد التموينية في الأفراح والأتراح، وكفالة الأيتام والطلاب، وتجهيز الموتى من الجنسين، وقيادة حملات نظافة، وإقامة مخيمات صحية، وتتميز منظمة يستبشرون بأنها لكل مواطن، حيث تعمل بعيداً عن التحيز، والتطرف، والإنتماء، وهدفها الأسمى هو الوصول لكل من يحتاجها. ٭ افتقار الجزيرة لورشة الأطراف الصناعية: رئيس منظمة متحدي الإعاقة بولاية الجزيرة الأستاذ بشير يس أشاد بما قدمه شباب منظمة يستبشرون من دعم كبير للمعاقين، والذي يأتي في سياق تضامن منظمات المجتمع المدني من أجل تقديم خدمة متميزة للشرائح المستهدفة، ولا تقل منظمة متحدي الإعاقة عن تلك المنظمات في الجهد والمجاهدة، رغماً عن واقع رعايتها للمعاقين في كافة مناحي الحياة، والإهتمام بهم، والسهر على راحتهم، وتعزيز قدراتهم على النحو الذي يدفع بحركة التنمية، فموقع المعاقين كما قال بشير يس هو همم الجبال وليس طرف الرصيف، مؤكداً أن المعاقين هم طاقات إنتاجية كامنة تتطلب التحريك نحو خدمة المجتمع وليس تركها عالة عليه. وترعى منظمة متحدي الإعاقة العديد من البرامج التي تستهدف الإهتمام بالمرأة وتنمية قدراتها عبر التدريب الإداري، والتقني وغيره، والسعي لإنشاء الورش لبناء المعاق المنتج، وكشف بشير يس عن معاناة معاقي الولاية من مشاكل كبيرة على رأسها عدم وجود ورشة للأطراف الصناعية تساعد على حركة المعاقين، ويعيش آلاف المعاقين بولاية الجزيرة أوضاعاً من التهميش والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية، حيث يعتمدون على المساعدات التي تقدم لهم من الخيرين، وتطالب منظمة متحدي الإعاقة بمزيد من الإهتمام الحكومي بالمعاقين، وتطبيق قانون 2009م، وكفالة حقهم في الحصول على نسبة 2 % من الوظائف الحكومية، وإدماج المعاق في المجتمع، وتوفير المشروعات الإنتاجية، والدرجات البخارية، ويشكو أعضاء منظمة متحدي الإعاقة من أن المؤسسات الحكومية المختصة بولاية الجزير توصد أبوابها في وجه المعاقين ولا تستجيب لقضاياهم، مؤكدين بأنهم ليست متسولين ولكنهم باحثين عن تثبيت حقوق أصيلة.