لعل الجميع يتفق أن فريضة الصوم خلال أجواء الحر نستلهم منه معاني ومغازي مشروعيته، واستخلاص مقاصده يتأتي في حال اقرار النية واليقين والشعور بالفقراء، ممن هم حولنا يجولون بحثاً عن لقمة عيش أو كساء أو دواء.. لكن ياترى ماذا لو قدر لك أن تصوم في أجواء باردة جداً لا تتعدى الحرارة عن «52» درجة مئوية.. لا عطش لا جوع بل أحياناً ترتجف من شدة البرد، ويتخلل الجو الرذاذ أو الأمطار الخفيفة.. كيف إذن يكون الشعور بمعاني ومقاصد التكافل بين الناس في هذه الحالة، الإيمان وحده يجعلك تدرك هذه المقاصد.. ونأمل أن يتقبل الله الصيام وأن لا يجعلنا ممن صاموا جوعاً وعطشاً دون (اخلاص)... ما بين رمضان وفي غيره من اشهر ينتابني شعور غير عادي حينما نشاهد معاني التكافل بين الناس في السودان، لأنه أبلغ في قيمته وأوقن أن التراحم بين الناس في السودان ما زال محفوظاً (ومطاقشة) صواني الإفطار الجماعي.. نلاحظها في رمضان وفي الأفراح والأتراح.. وليس غريباً أن نسمع ونتابع قصة مخاصمة أهالي الجزيرة وصراعهم فيما بينهم بحجة سرقة الضيوف من بعضهم من (زلط) شارع مدنى كلها دلالات ان السودان ما زال بألف خير.. دعوات نطلقها في هذا الشهر الكريم بأن يوفقنا جميعاً في التماسك والتعاضد أكثر والحفاظ على الأمن والسلام، وما نحن عليه من عمة الأمن نكون أفضل حالاً من آخرين تشهد بلدانهم صراعات قبلية طائفية عرقية.. ونشاهد يومياً أمهات صرعي وثكلى وأطفال يتشردون ويجوعون بسبب فقدهم للأمن والسلام كلما رأينا وتأملنا هذه الوقائع اليومية.. أليس جديراً بنا وحرياً أن نحمد الله على ما نحن عليه من أمن ووئام، نتحرك ليل نهار كما نشاء دون خوف أو وجل، بل وننتقد ما حولنا من حال سياسي أو اقتصادي كما نشاء... يحدث هذا ويتدافع الجميع ربما دون أن نتذكر أن العاقبة للمتقين.