٭ والسودان يدخل هذه المرحلة الجديدة لابد أن نقف وقفة نقيم فيها المرحلة المنتهية.. ونستفيد من إيجابياتها ونتجاوز سلبياتها إن وجدت، ذلك لأن المرحلة الماضية هي أيضاً إنقاذية وأن قياداتها في المواقع الدستورية والتنفيذية قد قدمتهم الإنقاذ يحملون رياتها وينفذون سياساتها، وقد تم اختيار تلك القيادات من ولاة وغيرهم بعناية، وقد تفاوت أداء بعضهم البعض متأثرين بظروف ولاياتهم فبعض الولايات كانت متأثرة بالحروبات وبعضها متأثر بضعف الامكانات، لذلك لا أعتقد أن من أخفق كان ذلك ضعفاً أو عمداً أو نكاية في المختلفين معه في الرأي.. لذلك أرى أن يبني الولاة الجدد جهودهم على أساس من سبقوهم وتكملة خطواتهم لا هدمها والبداية من الصفر كما ظلت تقول الأنظمة المتعاقبة في السودان، مما أقعد بلادنا عن التقدم إلى الأمام.. علماً بأننا الآن في نظام واحد يتبادل فيه الأشخاص المواقع والمسؤوليات، وقد أعلن ذلك والي الخرطوم في جلسة المجلس التشريعي للولاية عندما أعلن أنه سوف يستكمل الخطط والدراسات التي وضعها سلفه، وقد أشاد بها.. أننا يجب أن نواصل المشوار وألا تلعن كل أمة ما قبلها. إن السودان قد ظل يعيش انتكاسات من عهد إلى عهد خاصة في مجال الخدمة المدنية فقد شهدت الخدمة في أيام التمكين الشيوعي في الديمقراطية الأولى ما سمي بالتطهير وفي أوائل الإنقاذ ما عرف بالصالح العام حتى أصبحت الخدمة العامة مهزلة تتضاربها الأنظمة، وبذلك فقدت قوتها وبريقها المشهود به لها. إنني لا أؤيد الحماس الذي جاء به بعض الأخوة الولاة الجدد وهم يباشرون مهامهم فبعضم قد حل حكومته السابقة قبل أن يستوعب أحوال الولاية وظروفها، وبعضهم قد لوح للقيادات بالاستعداد للرحيل- إن الهتافات التي واجهت الوالي كاشا عند وصوله «كاشا كبر المغشاشة» لا أريد لها أن تجد الطريق للتنفيذ لأن بعض الخلافات المحلية مع بعض الولاة السابقين يجب ألا تكون مقياساً للأداء، كذلك لا أؤيد إعفاء القيادات بالجملة فلكل مقدراته ولكل ظروفه، ولكل خبراته، فلتفرز بين المقعدين إن وجدوا وبين المتميزين . لان الوالي الجديد يجب أن يكون امتداداً لما قبله مع الإصلاح والتجديد أننا نقدر حماس الأخوة الولاة للاصلاح لكن نرى أن يكون ذلك بتريث وفحص للمقدرات والكفاءات والاستفادة منها وجاء في الصحف أن أحد الولاة قد مزق المقترح المقدم له لتعيين الحكومة الجديدة لماذا يمزقه؟ لماذا لا يناقشه مع من قدموه والأمر شورى بينهم. وملاحظة أخرى تتعلق بالمستشارين والخبراء.. لماذا نشطبهم بجرة قلم وكل دول العالم التي تقدمت وتحضرت تعتمد على الخبراء، إن الدولة التي تعتمد على العلماء والخبراء والأكفاء لن تنهار أبداً لأن الدولة لا أعتقد أن تسير أعمال الدولة التنفيذية والسياسية والشعبية والمنتخبين والمعينين والاستفتاء عن أصحاب الخبرة والكفاءة وأنهم يرضون بالقليل ويقدمون الكثير وقيل أيضاً ما خاب من استشار. إن هذا الوطن ملك للجميع وليس لأحد أن يدعي أنه أكفأ أو أخلص من الأخرين وأن الوطن يحتاج للجميع لتنميته والعبور به إلى بر الأمان وأن تلك مسؤولة تقع على الجميع من دستوريين وقوات نظامية وتشريعية وتنفيذية ومستشارين وخبراء وقيادات خدمية. دعوا الجميع يقدم مشاركاته وسوف تتساقط الأوراق الضعيفة دون تطهير أو صالح عام أو إعفاء. أقول هذا وأدعو للأخوة الولاة بالتوفيق وقد اختارتهم قيادة الدولة لهذه المهام الصعبة والتي تتطلب أن يشارك الجميع معهم في الوصول للغايات المطلوبة ولن يكون ذلك ميسوراً إذا سرنا على إبعاد الخبرات وأصحاب التجارب والكفاءات.