أطفال أبرياء رغم سنواتهم الغضة تحولوا بين ليلة وضحاها لجنح أصبحوا يقبعون خلف القضبان في الوقت الذي يجلس أقرناهم داخل قاعات الدراسة.. وتشيرالاحصاءات الى وجود (113) من الأطفال الجنح المحكومين بعشر سنوات، وسنتين وسنة لفئات عمرية دون سن الثامنة عشرة، في دار تربية الفتيان المخصصة لهؤلاء الأحداث المودعين بامر قضائي من مختلف أنحاء السودان.. فالطفل المودع وفقاً لقانون الطفل (2010 ) يعتبر ضحية رغم ارتكابه الجنحة (آخر لحظة) زارتهم بدار رعاية تربية الفتيان ببحري التابعة لإدارة السجون بولاية الخرطوم لمعرفة تفاصيل اتجاهم نحو ارتكاب الجنح وكيف تمضي حياتهم خلف الأسوار بتأهيلهم نفسياً وأكاديمياً ولتقويمهم وتهذيبهم وإعادة إصلاحهم ودمجهم في المجتمع من خلال البرامج الأكاديمية والترفيهية والثقافية بإعادة ملامح السعادة التي افتقدوها قبل دخول الدار ٭ سلوكيات خاطئة بداية حدثنا طفل يبلغ من العمر(17) عاماً، وقد اختفت من وجهه ملامح السعادة والبراءة قائلاً: إنه متهم تحت المادة (15 أ) مخدرات تقدر بي خمسة عشر رأساً، حيث تم القبض عليه وهو في طريقه لإحدى المناطق لتسليمها لشخص هناك، مقابل إعطائه مبلغ أربعة ملايين جنيه، حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات قضى منها ثمانية شهور، وأنه ترك مقاعد الدراسة من الصف الرابع لظروف أسرته المادية وكان يعمل بالسوق. قال: التحقت بالدار بفصول محو الأمية بجانب ممارسة عدد من الأنشطة بالتركيز على الموسيقى، وأنه استفاد الكثير أولها التخلي عن السلوكيات الخاطئة، وأصبح مشاركاً في الأنشطة والبرامج الثقافية، بجانب دراسة القرآن والمواظبة على اداء الصلوات ويؤكد عدم السير في الطريق غير الصحيح مرة أخرى. ويقول طفل آخر دخلت الدار بتهمة السرقة بسرقة دكان مع عدد من الأشخاص أكبر سناً بسرقة مبلغ ثلاثة ملايين وسكر وزيت وغيرها من المواد التموينية، وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين، وأنه كان يدرس بمرحلة الأساس واستفاد الكثير داخل الدار من حفظ القرآن، وتعلم الآدب والاحترام وتغير سلوكه.. فيما قال طفل يبلغ من العمر 16 عاماً، دخلت الدار تحت المادة (45 ) اغتصاب أشار لقيامه باغتصاب طفلة عمرها 16 عاماً، وقد أثبت الفحص الطبي ارتكابه للجنحة وحكم عليه بالسجن لمدة عام قال ما قام به غير صحيح... ٭ للإصلاح التربوي: تقول دكتورة جميلة الجميعابي اختصاصي علم الاجتماع والتربية إن ارتكاب الحدث يؤثر على توازن الطفل واستقراره النفسي، ولابد من معالجة هذا الأثر وهي مسؤولية تضامنية تشاركية مع المؤسسات المعنية بالرعاية والأسرة ومؤسسات الاصلاح الاجتماعي، ودار تربية الفتيان تتبع للشرطة مسماها ومعناها ومضمونها، يتغلب عليه المعنى الإصلاحي التربوي لمعالجة الآثار النفسية السالبة لارتكاب الحدث، فالغرض من عقوبات الحدث بمختلف سنواتها للإصلاح التربوي بالتكيف مع البرامج التربوية والارشادية، خاصة أن سنهم قابلة للتوجيه، فهي فئة تتأثر إذا لم تجد الدعم النفسي والتوجيه والدمج الاجتماعي.. فيجب عدم التعامل مع الحدث بأنه يشكل وصمة عار وعدم الشفقة الزائدة، فلابد من التوجيه والارشاد المتوازن لممارسة حياته لتقويته، فدور ومهمة الأسرة ومؤسسات الإصلاح ومنظمات المجتمع المدني، وكل المؤسسات ذات الصلة التثقيفي- الإرشادي والاجتماعي والرياضي- كبير يجب عدم اغفال هذا الدور . ٭ الرعاية اللاحقة وتؤكد د/جميلة تقوية الدور الاجتماعي والتربوي وإعادة دمجهم في المدارس وعدم عزل الحدث من دفعته، بل تشجيعه وتقويته بأن يكون إنساناً ناجحاً، وهناك الكثير من التجارب الناجحة بالرجوع للحق والوازع الديني والتوبة.. عزت الأسباب الرئيسية لارتكاب الجنح لضعف الوازع الديني وقصور الأسرة قائلة:إن ارتكاب الجنح ليس نهاية الحياة.. فلابد من إعادة دور كل المؤسسات التربوية تجاه الجانح بدمجه في المجتمع، وعدم التمرد والاستفادة من الجانح بتخريج إنسان مصلح، ليكون عظة لغيره، لأن الشعور بالذنب يمهد للعودة للطريق الصحيح، فدور الاصلاح دورها كبير في معالجة الأثر حيث شددت على أهمية الرعاية اللاحقة للحدث من قبل المختصين والمؤسسات والمنظمات المعنية برعاية الطفولة بعد انتهاء فترة الإصلاح... ٭ من جانبه قال مقدم شرطة فرح عوض سعيد مدير دار تربية الفتيان: إن عدد الأطفال بالدار (113) طفلاً فئاتهم العمرية أقل من 18 سنة وحتى 16 عاماً، ويمكن أن تكون هناك زيادة دخول خلال اليوم وتوضح الاحصاءات انخفاض أعدادهم. قال إن أكثر الجنح المرتكبة من قبل هؤلاء الأطفال الاغتصاب السرقة ومحدودة حالات القتل، وعدد المحكومين بالديات أربعة أحداث، والغرامات خمسة، وهناك جهود كبيرة بذلت ومازالت من منظمة مازن النسوية. حول الاجراءات المتبعة لحين السداد ... قال: نقوم بمخاطبة مجلس رعاية الطفولة الزكاة وبعض المنظمات إضافة لمساهمات من قبل الخيرين ومنظمة اليافعين إضافة لديوان الزكاة في دفع الغرامات يؤكد على الرعاية اللاحقة بالمشاركة مع بعض المنظمات العاملة في مجال رعاية الأطفال بتوفير سبل العيش لهم ورعايتهم حتى لايعودوا للانحراف مرة أخرى، إضافة للجانب التأهيلي داخل الدار عبر العديد من الأنشطة التقومية المختلفة الثقافية من موسيقى مسرح ورياضية الرسم والأيام الترفيهية.. والنشاط الأكاديمي، حيث توجد مدرستان لمرحلتي الأساس والثانوي، وقد جلس عدد من هؤلاء الأحداث لامتحانات شهادة الأساس ووحققوا نجاحاً بجانب وجود فصول لمحو الأمية والتدريب المهني والحرفي ومنحهم شهادات... بالنسبة للم الشمل الأسري خاصة وأن الدار قومية... قال هناك زيارات أسرية خلال فترة وضعه تحت التدبير الإصلاحي مع بعض المنظمات كمنظمة النزيل وصباح وتنمية الأطفال اليافعين، وبعد الافراج عن الحدث يتم ترحيلهم لولاياتهم بالتنسيق مع المجلس القومي لرعاية الطفولة ومع بعض المنظمات.. قال تستقبل الدار الأحداث من كل ولايات السودان وتقوم باجراء دراسة حالة للحدث بمجرد دخوله للدار لمعرفة الأسباب والدفع لارتكاب الجنح، فهناك أسباب كثيرة نتيجة لظروف أسرية من تفكك أسري جراء الطلاق أو أصدقاء السوء.