* وحدة حماية الأُسرة والطفل: الجنوح هو سلوك مضاد للمجتمع يقوم على الصراع بين الفرد ونفسه، وبينه والمجتمع.. * باحثة اجتماعية: الحروب والنزوح والتفكك الأسري والطلاق أسباب تقود لجنوح الأطفال * مجلس الطفولة: نتبنَّى هؤلاء الأطفال بالشراكة مع جهات أجنبية ووطنية الخرطوم : بخيتة تاج السر (الأطفال الجانحون)، ما أن يرد هذا الاسم إلا ويتساءل البعض عن المقصود ب(الجنوح)؟ والإجابة بحسب مُختصين: هو قيام طفل يقلُّ عمره عن سن ال(15) عاماً بأعمال لا يقبلها المجتمع وتتنافى مع الشرع والقانون والأخلاق مثل السرقة، الهروب من المدرسة ومجالسة رُفقاء السوء وغير ذلك من أفعال مُشابهة. لكن يبدو أن الأمر ذهب لأبعد من ذلك كثيراً حيث إن (جنوح الأطفال) في السودان وصل مرحلة أن يقتل الطفل زميله، ودونكم قصص متعدِّدة منها على سبيل المثال لا الحصر، حادثة طالب الأساس الذي لقي مصرعه نتيجة ل(لكمة) قاضية سددها له زميله داخل حرم مدرسة بضاحية عد بابكر بمحلية شرق النيل فأودت بحياته في الحال. قتل عمد..!! وحتى لا يظُن البعض أنَّ (جنوحَ الأطفال) خاصية انفردت بها العاصمة الخرطوم وحدها، نحيلكم إلى ولاية الجزيرة وفيها صوَّب طالب يدرس بمرحلة الأساس ولم يتعدَّ عمره العشر سنوات؛ (طوبة) التقطها من الأرض وضرب بها زميل بالمدرسة يصغره بعام، في صدره وتسبب في وفاته جراء الضربة القوية التي تلقاها وأدت إلى إحداث تهتك ونزيف دموي بالرئة، وذلك بحي الإنقاذ – أحد أحياء عاصمة الولاية ود مدني- وفشلت محاولات إسعافه ليلقى مصرعه متأثراً بجراحه. وبالبحث عن العقوبات التي يلقاها مثل هؤلاء الأطفال وجدنا أنه على سبيل المثال في قضية طفل شرق النيل أوقفت الشرطة الطفل – طالب الأساس- أو (الجاني) كما يُسمَّى وفقاً للقانون؛ قالت مصادر شرطية أنه تم إلقاء القبض على المتهم الذي سجل اعترافًا قضائيًا بارتكاب الجريمة، وتم على الفور تدوين بلاغ في مواجهته تحت المادة (130)، لكنه تم إطلاق سراحه بالضمان لحداثة سنه. درجات الجنوح وبالطبع فإنَّ جرائم ما دون القتل الواقعة من هؤلاء الأطفال الجانحين لا تحصى ولا تُعد وهذا ما دفع (السوداني) للبحث في الموضوع. تقول رئيسة شعبة البحوث والتدريب بوحدة حماية الأسرة والطفل، مُقدِّم شرطة د. منال عبد الرحيم محمد عمر: الجنوح هو سلوك مضاد للمجتمع يقوم على عدم التوافق وعلى الصراع بين الفرد ونفسه وبين الفرد والمجتمع، وبناء على ذلك فالطفل الذي يرتكب سلوكاً مرفوضاً أو مضاداً للمجتمع لمرة واحدة ليس بالضرورة أن يكون طفلاً جانحاً كما أن هنالك أطفالاً صدرت ضدهم أحكاماً برغم أنهم لم يكونوا جانحين، وهناك ثلاث محطات لابد من توفرها قبل تصنيفه حسب السلوك بأنه جانح : شرط الخطورة في السلوك. استمرار السلوك وتكراره. الاتجاه العدواني في السلوك نحو المجتمع والنظم السائده، والطفل الجانح غالباً مايتعرض لمؤثرات بيئية أو علاقة والديه وطرق تربيته غير سوية مما يؤدي إلى تعليمه مجموعة عادات واتجاهات توجهه في مسارات مضادة للمجتمع والعدوان على الآخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بشرط أن يتكرر ذلك، ومن أسباب وأشكال الجنوح عند الأطفال لا يصح استخدام مصطلح (الطفل الجانح) بدلالة عامة لتشير لنموذج معين إذ إن هناك نماذج شخصية مختلفة وعديدة للجنوح ولكل شخصية مشكلتها المختلفة وظروفها المختلفة وسماتها الخاصة، وبالتالي هذا المصطلح ليست لديه دلالة تشخيصية بالمعنى الدقيق ومن أهم أسباب الجنوح الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل بالإضافة للميول والسمات الشخصية بحيث يكون السلوك تنفيساً لمشاعر عدوانية، كما يحدث أيضاً لحل بعض الصراعات العاطفية، ومن نماذج الجانحين المعاق والتخلف العقلي، الذي يفتقر أو تنقصه المهارات الاجتماعية، التوجيه الخاطئ من الأسرة والمهارات الوالدية الضعيفة، الحرمان من الرعاية الوالدية بسبب النشأة في مؤسسات الرعاية، والاضطرابات النفسية للجانح أو والديه. عصيان طفولي..!! وتمضي رئيسة شعبة البحوث والتدريب بوحدة حماية الأسرة والطفل، في إفاداتها ل(السوداني) قائلة: هنالك عدّة أمثلة لسلوك الجانح منها السرقة والتزوير والتنمر، الهروب من البيت أو المدرسة، تدمير الممتلكات العامة والخاصة ( الحريق) العصيان والتحدي المتطرف للوالدين أو لأي سلطة (المعلمين ومدراء المدارس) ، والقسوة وإيذاء الأطفال الأصغر سناً والحيوانات والسلوك الخارج عن المألوف ، تعاطي الكحول والمخدرات. أما العمر الذي يبدأ منه الميل للجنوح فيبدأ بنهاية مرحلة الطفولة المبكرة الفترة العمرية بين ( 8-12) سنة وذلك ينتج عن تربية الوالدين الخاطئه الرفض وعدم تقبل الطفل بسبب عيوب (إعاقات) ، الحماية الزائدة وعدم الثبات في المعاملة (العقاب والثواب)، عدم العدل في معاملة الأبناء ( التميز الذي يحدث حقد بين الإخوان) ، تغذية المشاعر العدوانية لدى الطفل بمشاهدة الضرب يبن الآباء كوسيلة لحل المشكلات حين يتعلم الطفل بالتقليد ، التجارب المؤلمة التي يمر بها الطفل في السنوات الأولى من حياته (انفصال والديه – الاستغلال – العنف – الإهمال ) عوامل أخرى مثل تدني المستوى المعيشي الذي يرتبط بعدم وجود رقابة على الطفل، الصراع الثقافي. دار الأشبال وللوقوف على الدور الذي يلعبه المجلس القومي لرعاية الطفولة في قضية الأطفال الجانحين التقت (السوداني) الأستاذة بدرية إلياس موسى من المجلس القومي لرعاية الطفولة فقالت إنهم يعملون على تبني هؤلاء الأطفال بالشراكة مع الجهات المختلفة (أجنبية ووطنية) بعد منحها تصديقاً من حكومة الولاية. مشيرة إلى اهتمامهم بقضايا الأطفال الجانحين من خلال رعايتهم بدار الأشبال ببحري والجريف. وذلك بتحسين الخدمات البيئية بدور الأشبال المختلفة ومطالبة السلطة القضائية بضرورة تحقيق الحرية للأطفال الجانحين وإحالتهم بعيداً عن الجهات القضائية والنيابة والمحكمة بما يتفق مع العدالة وتحسين معيشة الأطفال داخل المراكز من خلال تحسين خدمات الدور وترقية البيئة. (.....) هذه أسباب جنوح الأطفال ولتناول الموضوع من الزاوية الاجتماعية تحدثنا إلى باحثة علم الاجتماع ثريا إبراهيم الحاج والتي ابتدرت حديثها قائلة : توجد أسباب أساسية لجنوح الأطفال أهمها النزوح والحروبات ومشكلات الولايات بالإضافة للعوامل الطبيعية التي تمر بها الأسر وبنزوح بعض الأسر تفقد المأوى والخدمات الأساسية التي تحتاجها مما يؤدي إلى الفاقد التربوي والفقر، بالإضافة للتفكك الأسري مما يجعل الطفل يدمن (المخدرات) وينحرف سلوكياً وفي حالة طلاق الوالدين لابد أن يكون الطرفان حريصين على حقوق أطفالهما فعدم استقرار الأسرة وتشتتها يؤدي إلى (الاضطراب النفسي للطفل) مما يجعله يقع في أخطاء تقوده للإصلاحية، كما يجب على الأسرة متابعة أطفالها وأصدقائهم (أصحاب السوء) مع مراعاة الفارق العمري فلا يمكن لطفل في الخامسة من عمره أن يصادق طفلاً في الثامنة ويتوجب على المدرسة أيضاً الإشراف على الأطفال ومراقبة المراهقين وعدم معاملتهم بعنف، وتكون مسؤولية مراقبة الأطفال مشتركة بين (الأسرة -المدرسة - المناهج التي تدرس) فهذه الأطراف جميعها تؤثر على شخصية الطفل والمعاملة السيئة للطفل من قبل الأساتذة تقوده للوقوع في الخطأ فبهروبه من المدرسة يصبح (فاقداً تربوياً) الأمر الذي يقوده للجنوح. الوقاية خيرٌ من العلاج آخر الأسئلة التي حاولنا أن نبحث لها عن إجابة في هذا الموضوع: ما هي الوسائل الواجب اتباعها للوقاية من الجنوح؟ الإجابة حسبما قالت رئيسة شعبة البحوث والتدريب بوحدة حماية الأسرة والطفل، مُقدَّم شرطة د. منال عبد الرحيم محمد عمر ل(السوداني) هي: التنشئة الاجتماعية السليمة التي تقوم على التفاعل الاجتماعي الصحي وتهدف إلى تعليم الأطفال متمثلة في أنماط السلوك والمعايير والقيم، وتهيئة بيئة المدارس لتصبح جاذبة، تسليح المعلمين بالمهارات اللازمه للتعامل مع الأطفال وتدريبهم على الأساليب التدريبية وتعديل المناهج الدراسية لتحفز البناء والتطور السليم لشخصية الطفل وتعليمه مهارات الحياه، توفير برامج للأطفال لامتصاص طاقتهم وتوجيهها بطريقة سليمة تلبي احتياجاتهم الجسدية والفكرية والروحية، الاهتمام بالرعاية الصحية النطقية والاجتماعية للأطفال من خلال تدريب الآباء والأمهات على طرق الرعاية الجيدة، تدريب المعلمين والأطفال أنفسهم على كيفية حماية أنفسهم والتعبير عنها والتنفيس عن مشاعرهم السلبية بطرق صحيحة إنشاء مراكز تأهيل الزوجين، وضرورة وجود الاختصاصي النفسي والباحث الاجتماعي في المدارس مع الاهتمام بتدريبهم وتطوير مهاراتهم ومعرفتهم في مجال نمو وحماية الاطفال، ضرورة تدريب العاملين في مجال حماية الطفولة خاصة في مربع العدالة ( الشرطة - النيابة – قضاة – منظمات المجتمع المدني ) على حقوق الطفل وخاصة الأطفال في تماس مع القانون، توجيه وسائل الإعلام لتفادي عرض مواد العنف أو التشجيع عليه.