يتمتع بهدوء عميق لكنه عاصف.. رجل اقتصادي مصرفي متمترس في المجال السياسي.. استطاع أن يضع خارطة سياسية اقتصادية دفعت به لدائرة العراك السياسي.. فالرجل رسم ملامح لمستقبل تنظيمه السياسي.. الأمر الذي مهد له أن يصبح من القيادات البارزة ويحتل مواقع قيادية داخل المؤتمر الوطني. التحق في بواكير عمره بالحركة الإسلامية وكان من أنشط الكوادر داخل الجبهة القومية الإسلامية ناشراً للنهج الإسلامي في أوساط التنظيمات الشبابية واتحادات الطلاب مما مهد له أن يتبوأ مواقع مهمة في الخدمة العامة. محمود خاض العديد من المعارك الاقتصادية والاتهامات إلا أنه كان رابحاً فيها وعدت إنجازات له وكان آخرها القرارت التي اتخذتها وزارة المالية بفك احتكار استيراد الدقيق والقمح بدلاً من حصره على ثلاث شركات أولها شركة «سيقا» التي يمتلكها أسامة داؤود وما لحقها من اتهامات باحتكار السلعة. ولم يسلم الرجل من رصاصات الكيد والمكايدة، حيث أشارت إليه أصابع الاتهام في كثير من القضايا أبرزها قضية شركة الأقطان التي أثارت جدلاً واسعاً. على الرغم من أنه واجه الكثير من التحديات إلا أن مسيرته حافلة بما قدمه من إنجازات تحسب لهو فللرجل رصيد حافل بالخبرات المصرفية، فقد مضى أربعة عشر عاماً في هذا المجال جعلته قادراً على العطاء بجدارة متنقلاً من محطة لأخرى ومتدرجاً في المناصب المصرفية إلى أن أصبح وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني. ٭ النشأة بدر الدين محمود من مواليد ودمدني- جزيرة الفيل العام 1955م، أكمل جميع مراحله الدراسية بود مدني ثم درس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية بجامعة الخرطوم إلى أن تخرج فيها في العام1981م. يحمل ماجستير الاقتصاد من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، يجيد اللغتين العربية والإنجليزية، متزوج وأب لأربعة من الأبناء، ينحدر من أسرة عريقة من قبيلة الدناقلة عرفت بالتدين والالتزام الخلقي في اتجاه أقرب للتصوف، تربطه علاقة نسب ومصاهرة بوزير النفط السابق د.عوض الجاز. بدأ بدر الدين حياته العملية بالالتحاق ببنك فيصل الإسلامي صاحب أول تجربة تمويل إسلامي في الفترة 1982- 1989م، عمل بعدها مديراً تنفيذياً بوزارة التجارة وعمل فيها على وضع سياسات تحويلية لسياسة التحرير الاقتصادي خلصت نتائجها لإغراق السوق بكافة السلع الاستهلاكية. انتقل بعدها مديراً لشركة كوبتريد التي كانت تعد من أكبر الشركات التجارية استيراداً للسلع وشهد عهده توفير احتياجات البلاد من كافة السلع التموينية عبر الجمعيات التعاونية والتي ساهمت بدورها في محاربة الغلاء. عمل ببنك النيلين للتنمية الصناعية ثم رئيس مجلس إدارة شركة خاصة عام 1998م، والمدير العام لمصرف المزارع التجاري 2000- 2005 ونائب محافظ بنك السودان المركزي 2005- 2013، ورئيس مجلس إدارة الخدمات الإلكترونية المصرفية وعضو مجلس إدارة شركة ترويج للخدمات المالية وعضو مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمار. محطة أخرى من حياته انتقاله للعمل مديراً لبنك النيلين، حيث شهد عهده استقراراً للبنك وتوطيد علاقاته الخارجية مما انعكس إيجاباً على حجم الودائع والحسابات الجارية وخدمات العملاء، بجانب جذب المستثمرين من الداخل والخارج. أما محطته قبل الأخيرة تعيينه نائباً لمحافظ البنك المركزي، بعض المقربين منه يروا أن له رصيداً وافراً من الخبرات تجعله قادراً على العطاء بجدارة في الوزارة، تحيط به ثقافته المصرفية وتأهيله الاقتصادي بجانب ما يتميز به من رزانة وهدوء عميق. وقال المقربون منه إنه عندما جاء للبنك المركزي كانت البلاد تعاني شحاً في العملة الصعبة والبنوك من آثار سياسة الدمج وضعف الموارد والودائع وعدم توحيد سعر الصرف. الخطوة الأخيرة التي اتخذها بدر الدين عبر إعلانه لتحرير سلعة الدقيق وفك احتكار استيراد القمح من قبل مطاحن «سيقا وويتا وسين» للغلال، أدخلته في معارك صادمة مع رجل الأعمال أسامة داؤود، إلا أنها اعتبرت تمهيداً لرفع «الدعم» الحكومي تدريجياً عن القمح، على أن يتم ذلك وفقاً لعطاءات تطرحها إدارة المخزون الإستراتيجي باعتبار أن الإجراءات الجديدة ستساعد في توزيع الدقيق بصورة عادلة وتمنع عملية التهريب. مضى قدماً في إنفاذ برامج الإصلاح الاقتصادي وقال إنه يأتي في مقدمة أولويات الحكومة، متخذاً شعار الإنتاج وزيادة الصادر وتحسين مستوى المعيشة، فضلاً عن تطبيق نظام التحصيل الإلكتروني الذي شهد تطبيقه جدلاً كثيفاً.