ما قيمة الإنسان بلا وطن.. بلا علم ودونما عنوان ---- مازال في عيني بصر مازال في السما قمر وثوبي العتيق حتى الآن ما أندثر تمزقت أطرافه لكنني رتقته.. ولم يزل بخير وصرت شاباً جاوز العشرين محمود درويش.. ٭ هذه حروف كتبها درويش من محبرة النزيف.. ووضع نقوط حروفها من مداد الدموع.. هو حقاً بلا وطن.. ومجازاً بلا وطن.. وطنه تحتله سنابك خيول الصهاينة.. طاب له العيش.. أو تلظى بنيران العيش.. في بيروت.. يكتب أحياناً من شارع الحميراء الذي يضحك من تزمت باريس.. ويبكي أحياناً ترفاً شعرياً وهو على الشاطئ عند المرفأ عندما تحمل له الريح أصوات غناء الصيادين الحزينة. ٭ أنا لا أبكي وطناً يحتل ترابه مستعمر من خارج الحدود.. ولكني أبكي مواطنه منقوصة.. وحقاً سليباً في عيش يساويني.. بأبناء أمتي وشعبي.. أبكي جلوساً على الرصيف.. أنا مغلول اليدين من القيام بواجب لزاماً علي وحتمي علي تجاه الوطن. ٭ ما أشبهني.. بالمقاتلة الجسورة.. الفائتة المضيئة النجمة الزاهرة والساهرة.. درة هوليود.. التي ركلت نعيم «بفرلي هيلز» وأشاحت بوجهها عن فلاشات الكاميرات.. وقامت بدورها كاملاً تجاه وطنها وأمتها.. حتى تستعيد العلم والوطن والعنوان.. إنها اليسارية.. وياللعجب.. في قلعة الرأسمال.. « جين هنري فوندا». كان ذلك في ستينيات القرن الماضي.. والحرب الباردة تشتعل في ضراوة الجحيم بين المعسكرين.. والإتحاد السوفيتي وقتها كان قبلة كل أحرار العالم.. وبلادها الولاياتالمتحدة.. تخوض حرب الأدغال ومعارك الرعب في فيتنام.. جنود «اليانكي» يذهبون وهم غارقون حتى (سبيبة رؤوسهم) في السلاح.. يحيلون ليل «هانوي» إلى صباح من اللهب.. وشاشات أمريكا.. تقدم الصور إلى المواطنين الأمريكان المأخوذة من ميادين الحرب وأهوال الغابات.. ثم تتحول نفس الكاميرات إلى المطارات لتنقل صور النعوش الطائرة.. نعوش أبناء الأمريكان العائدة إلى الوطن أشلاء وجثثاً بلا معالم. ٭ يجتاح الخزي والعار والشعور بالبشاعة كل أخيار الأمة الأمريكية، تتدفق الشوارع بالمناهضين للحرب.. يزرعون الفضاء هتافاً وأناشيد يصرخون بأن يعود لهم الوطن.. يعود لهم العلم.. يعود لهم العنوان.. يرفضون بل يدينون الحرب القذرة الظالمة الدامية رغم بشاعة وفظاظة وشذوذ آفاق الحاكمين في البيت الأبيض، لم يجرؤ أحد أن يطلق عليهم حرفاً واحداً من كلمات مثل.. خونة .. عملاء.. طابور خامس. وهناك في الضفة الأخرى ومن بين مفارز المقاتلين المدافعين عن بلادهم فيتنام.. يبهر «جين فوندا» القائد العسكري قائد قوات المقاتلين ضد «اليانكي» الجنرال «جياب» ثم يبرق أمام عيني «جين» ضوء مصباح «هوشي منه» القائد السياسي لأبناء فيتنام.. فكانت التحفة السينمائية الخالدة «العودة إلى الوطن».. بكره نتلاقى