يعد وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مأمون محمد علي حميدة «سليل» أسرة تحظى بشهرة واسعة في مدينة سنار، ف «مأمون» الذي يعتبر كبير أسرته أطلق صرخته الأولى في الحياة في العام 1945م بمدينة سنار، درس مأمون الذي عرف بشغفه للعلم والمعرفة منذ صغره.. المرحلة الأولية والوسطى بمدينة سنار ثم انتقل إلى دراسة المرحلة الثانوية بخور طقت التي زامل فيها القيادي بالمؤتمر الوطني مهدي إبراهيم ووزير العدل الأسبق علي محمد عثمان يس وعضو مجلس قيادة الثورة اللواء إبراهيم نايل إيدام، وحظي مأمون عقب إكماله الثانوية بدخول كلية الطب جامعة الخرطوم والتي تخرج فيها طبيباً قبل أن يتم ابتعاثه إلى مدينة «بريستول» ببريطانيا، وذلك للتخصص ونيل الزمالة ودرجتي الماجستير والدكتوراة ومن ثم العودة للبلاد والتي نال فيها درجة البروفيسور في الطب. الرجل انتقلت جيناته الوراثية في دراسة الطب إلى بناته فأصبحت «سوزان» طبيبة باطنية و«نهى» طبيبة و«شذى وسحر» درستا الصيدلة، بينما صار ابنه «محمد علي» مهندساً كيميائياً، ولعل أشهر محطات مأمون حميدة العملية تقلده لمنصب مدير مستشفى سوبا الجامعي ومدير جامعة الخرطوم التي خرج منها مغاضباً قبل أن يتجه إلى الاستثمار في تخصصه الذي درسه من خلال إنشائه لمستشفيات وجامعة جعلته عرضة لأن تطاله سهام النقد لما يقوم به من أعمال، واتهام البعض له بالاستثمار في أرواح المرضى. «البلدوزر» والحروب غير أن تلك الأحاديث والاتهامات لم تحرك ساكناً في «البلدوزر» وهو اللقب الذي أطلقه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير على مأمون حميدة، من محطات حميدة المهمة في حياته هي اتجاهه للتثقيف الصحي من خلال برنامج تلفزيوني يقدمه الرجل ويستضيف من خلاله أطباء مختصين لمناقشة قضايا تتعلق بصحة المواطن، المحطة الأبرز في حياته تمثلت في توليه وزارة الصحة بولاية الخرطوم وهي الوزارة التي «جرت» على الرجل الكثير من الحروب والانتقادات اللاذعة منذ أول يوم لتعيينه، حيث بادر البعض باتهام الحكومة بتعيين مستثمر وزيراً للصحة، لم تتوقف تلك الحملات على الرجل ولم تهدأ، بل صارت في تزايد مستمر، ولعل سببها هو اتخاذ حميدة لقرارات جريئة وقوية كانت صادمة للبعض وجعلت أمر تقبلها صعباً عليهم.. تفكيك مستشفى الخرطوم وتحويل أقسام مهمة فيه إلى مستشفيات أخرى وتحويله إلى مستشفى مركزي قوبل بحرب عنيفة ورفض من أطباء كثر، لكن حميدة مضى في إنفاذ قراره بنقل الخدمة الطبية والعلاجية من وسط الخرطوم إلى الأطراف غير آبه بالأصوات التي تعالت هنا وهناك، لجهة أن الرجل وجد السند في قراره من قبل رئيس الجمهورية ووالي الخرطوم السابق. داعش على الخط أصوات النقد والحرب على سياسات الرجل لم تقف عند حد الأحاديث، بل أخذت منحى آخر عندما تعرض مأمون حميدة وهو على سدة وزارة الصحة الولائية التي ما زال مستمراً في قيادتها، تعرض في وقت سابق للإعتداء بصورة مفاجئة في فناء الوزارة من قبل أحد الأطباء بآلة حادة «مطوة»، وحاول الطبيب طعن الوزير «3» مرات تصدى لها حميدة، لكنه أصيب بجروح في إحدى يديه، سبب اعتداء الطبيب على حميدة يعود لعدم صرف الطبيب استحقاقات منحته الدراسية لخمس سنوات بعد أن تردد على مكتب حميدة كثيراً دون أن يتمكن من مقابلته، وبحسب مقربين من الرجل فإنه ومنذ توليه لمقاليد الوزارة عمل على تحريك البركة الساكنة بالمستشفيات وضرب مراكز الفساد والقوى في المجال الصحي، واتخذ منهج الزيارات المفاجئة للمستشفيات لضبط العمل فيها. الجانب الآخر في حياة حميدة بعيداً عن الوزارة تمثل في استثماراته التعليمية والطبية، ولعل جامعة العلوم الطبية التي يمتلكها الرجل ويرتادها الطلاب ميسورو الحال كانت الواجهة الأبرز خلال الآونة الأخيرة من خلال الأحداث المتلاحقة التي شهدتها الجامعة والتي سببت صداعاً دائماً للوزير، الاختبار الحقيقي ل «حميدة» كان في اختراق تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لجامعته واستقطاب عدد من طلابها للتنظيم، بل ومغادرتهم إلى تركيا وسوريا للالتحاق به، الأمر الذي تبدى جلياً في انخفاض نسبة الطلاب المقبولين بالجامعة مقارنة بالأعوام الأخرى، حميدة حاول تبرير انضمام طلاب من جامعته لداعش بالقول إن الأمر لا يقتصر على جامعته فقط، بل يشمل جامعات أخري وإن بعض الأسر على علم بأن أبناءها قد يلتحقون بداعش، لم يتوقف الرجل حيال ذلك، بل ذهب أكثر من ذلك عندما قال بأنه محسود.