ليتني أجد من ينفي الخبر المُحزن الذي تناقلته في سرعة الهواتف الجوالة.. هكذا تمنيت وأنا أطالع على شاشة هاتفي فجراً خبر وفاة الصحفي والإعلامي المحبوب عمر محمد الحسن (كاهن) والذي جعلني أسارع بالاتّصال بالأخ د. هاشم الجاز القريب جدًا منه عشماً في أن أجد النفي على خبر وفاة كاتب صفحة (غير قابل للنفي) بالزميلة أخبار اليوم والصحفي بالزميلة الرأي العام والذي كانت أخباره طوال مسيرته الصحفية غير قابلة للنفي والذي تمنيت في هذه المرة أن أجد لخبره الشخصي نفيًا إلا أن التأكيد جاء من العبرة التي وجدتها تخنق الكلمات في حلق د. هاشم الجاز (الموت حق) لتنهمر الدموع من عيني وأبكيه مثلما بكاه الكثيرون جدًا في مختلف الأوساط وفي المجتمع فالرجل لم يكن في حياته رجلاً عاديًا وكان يعيش فيها وكأنه يحس بأن عمره لن يطول وكنت لا أذهب يوماً الى أية مناسبة اجتماعية نعرفها معاً وأفتقد فيها عمر كاهن فهو مثل الأستاذ مصطفى أبو العزائم لا تشغلهما هموم الدنيا عن واجب عزاء أو عن التهنئة في فرح زميل أو من المعارف بغض النظر عن وزنه الاجتماعي كما كان عمر له الرحمة يشكل حمامة السلام في خلافات الصحفيين مع المسؤولين وكان يفرح عندما يسود الوئام بين الناس. وكذلك كان يفرح عندما يعلو أحد معارفه في المناصب في حالة نادرة في زماننا هذا وأكاد أجزم أن عمر من أكثر الصحفيين علاقات مع مختلف الأوساط وقد عرفته عن قرب عندما كنت أعمل في صحيفة أخبار اليوم وهو الذي لا يغيب عنها بحكم علاقته الحميمة برئيس تحريرها الأستاذ أحمد البلال الطيب الذي لكاهن مكانة خاصة في دواخله ثم تعمقت العلاقة بيننا وصار يتّصل بي ليسألني عن برامجي التلفزيونية وأخبار الحلقات وهو يقول إنني حريص على دعم الزملاء الذين يعملون في التلفزيون وأنا مع أن يكون الإعلامي شاملاً وعندما توفي والدي له الرحمة تفاجأت بعمر يأتيني كل أيام العزاء وليس هذا فحسب بل كان يأتي في كل مرة ومعه أحد الوزراء لعزائي وكان يتّصل بالقرب مني بعدد منهم ويقول لهم أنا الآن قريب من عابد فيعزوني وأذكر أنه قد اتّصل بالوزير حينها عبد الباسط سبدرات وهو خارج البلاد وأخبره بوفاة والدي وأعطاني هاتفه ليعزيني.. وهكذا كان كاهن نسمة في عز هجير الصحافة وبلسماً لجروحها ومواسياً في الأحزان وسعيدًا في الأفراح.. وكنزًا متحركاً من المعلومات والأخبار فهو يمتلك خاصية الصحفي القادر على الغوص في كل الأعماق لاستخراج أدق التفاصيل والوصول لأهم الأخبار وكان من المهتمين بالأخبار الاجتماعية بدرجة بعيدة جدًا لهذا جاء الحزن كبيرًا جدًا على رحيل عمر الإنسان المثالي والصحفي النابه والاجتماعي من الدرجة الأولى الممتازة بقناعة أن نجاح الصحفي في علاقاته الممتازة وإننا عندما نعزي في رحيل كاهن فإننا نعزي أنفسنا في الفقد الجلل فالكاهن كان لكل الناس بحبه لهم وتفانيه من أجلهم وخدمته لهم. أخيرًا: آخر نظرة القيتها على عزيزنا عمر محمد الحسن كانت أمام وزارة إعلام وثقافة الخرطوم والتي وقف أمامها بسيارته التي نزل منها د. هاشم الجاز مدير عام الوزارة ليغادر عمر مسرعاً دون أن ألحق به لأصافحه ولا يراني ليقف كما تعود.. وشاءت الأقدار برحيله أن تتوقف إحدى مكنات التواصل الاجتماعي الكبيرة التي توقفت برحيل عمر كاهن الإنسان الجميل في كل شيء.. لك الرحمة حبيب الجميع.