٭ يحكى عن اللواء الراحل الخواض - عليه الرحمة - أنه تأخر يوماً عن اجتماع شبه دوري يقام كل أسبوع، تأخر سعادة اللواء لمدة لا تزيد عن العشر دقائق فقط، فوجه نائبه أن يشكل لجنة من عدد من ضباطه لمحاسبته على هذا التأخير وأضاف أنه لو شعر أن هناك تعاطفاً من ضباطه باعتبار أنه القائد الأعلى فإنه لن يتردد في محاسبتهم شخصياً، هكذا هم رجال جيشنا البواسل، يحاسبون أنفسهم على دقائق يتأخرون فيها، ما أعظمهم وهم يناضلون من أجل أن يتحول رصاص البنادق إلى جنة من البساتين. * أذكر أن الفنانة الراحلة عائشة الفلاتية طلبت مني أن أكتب لها أغنية لا يقل جمالها عن ما أكتبه للبلابل من أغنيات، فقلت لها أرجو إمهالي قليلاً فإن شيطان الشعر لم يعد يزورني هذه الأيام إلا أنني أعدك بأنه مجرد أن يأتي لزيارتي فإن أول أغنية أكتبها ستكون هدية مني إليك، فقالت لي ضاحكة أسمع يا حلنقي يا أخوي شعر الشياطين ده أحسن تعفيني منو. ٭ وجه لنا القنصل الأثيوبي في مدينة كسلا أنا والأخ حسين شريف مدير مكتب الرائد الراحل مأمون عوض أبوزيد، دعوة لحضور حفل عشاء تقيمه القنصلية الأثيوبية، ذهبنا إلى هناك فلمحت حسناء تتجول بين المدعوين وكأنها سحابة تمطر لهباً فكتبت فيها أبياتاً من الشعر أعجب بها الأخ حسين شريف وبما أن بينهما معرفة سابقة طلب مني أن أقرأها عليها فشكرتني باسمة، بعدها بلحظات جاءني زوجها القنصل ليقول لي لقد أكدت لي أنني تزوجت من لؤلؤة يتغنى بها الشعراء. ٭ كان أجدادنا في كسلا الخضراء يؤمنون بأن طائر الخداري ما نزل على غصن شجرة في بيت إلا وشهد هذا البيت عرساً، وأنا أجلس في أطراف حديقة بدولة الإمارات لمحت طائراً أخضر الجناحين يتنقل أمامي بين الأزاهر فتذكرت طائر الخداري يتجول هناك بين حدائق البرتقال في السواقي الجنوبية، بعد سنوات من اغتراب طويل عدت إلى مدينتي حبيبتي فلم أجد للطائر الخداري أثراً، بل وجدت طائراً آخر يحلق بأجنحة من قديم الذكريات. ٭ وقفت أمام القنصل السوداني في إحدى الدول الخليجية تطلب منه أن يؤمن لها تذكرة سفر بلا عودة إلى ديارها، فنظر إليها القنصل وهو يسألها عن أسبابها، فأجابته قائلة: لقد تعود زوجي المخمور أن يتركني وحيدة مع مجموعة من أصحابه السكارى دون أن يهتم بوضعي بين ذئاب تبحث عن براءة لقتلها، تم استدعاء الزوج فأعلن عن طلاقها، بعد أشهر كان هذا القنصل يقف أمام بابها طالباً منها أن تكون له زوجة.