٭ «إذا تخلى البشير عن الوطني سيفقد منصبه».. الحديث بين مزدوجتين جرى على لسان ،أمين الأمانة العدلية بالحزب الحاكم الفاضل حاج سليمان، في حوار أجرته معه الغراء «الجريدة» أمس الأول، وهو ليس بالحديث الجديد فقد قاله لي القيادي بالوطني د. الحاج آدم يوسف في أبريل الماضي.. «البشير سيفقد الرئاسة إذا تخلى عن الحزب»، وقد احتفت به «آخر لحظة» وتصدر عناوينها وقتذاك. لكن ما الذي يجعل قيادات الوطني تتخوف من أن يدير البشير ظهره للحزب ولذلك تذكر نفسها بأنه سيفقد منصبه؟ ٭ ما من شك أن الوطني استسلم تماماً وجعل كل شيء بيد البشير، حتى اختيار الولاة منح الرئيس كامل الصلاحيات وبالقانون بأن يعيّنهم ويقيلهم متى ما أراد. ٭ الوطني لا يريد أن «يعكنن» على نفسه ويكرر سيناريو «المفاصلة» والتي كانت بسبب الصراع حول السلطة ، وصراع حول الرؤى بين السياسيين والعسكريين، وذلك أن عراب الإسلاميين د. حسن الترابي وبعض المقربين إليه، أمثال الدكتورين علي الحاج وغازي صلاح الدين، كانوا من أنصار «دحرجة العسكريين» وهو الأمر الذي فطن إليه البشير، ولذلك عندما تم حل مجلس قيادة الثورة احتفظ ب«بزته» العسكرية مما قوى من نفوذه لاحقاً. ٭ تحاشى السياسيون الإشارة إلى دحرجة العسكريين بعد تنامي شعبية البشير على حساب الحزب، وحتى آخر محاولاتهم - كانت من جانب القيادي د. أمين حسن عمر في المؤتمر العام الأخير للوطني، عندما طالب بضرورة اختيار شخصية غير البشير، فذهبت أمنياته أدراج الرياح. ٭ الترابي كان يقول إن الحركة الإسلامية فوق الحكومة لأنها هي التي أتت بالحكومة، فحفظ العسكريون مقولة الترابي وشكلوا حضوراً في الحركة الإسلامية، «النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح» ، نائباً لأمينها العام ومعلوم أن أي خطوة لبكري بعلم وإذن البشير وأذكر هنا أنه في اليوم الثاني لتعيين بكري نائباً أول، وفي لقاء جمعه بالقيادات الصحفية والإعلامية بالقصر - حظيت بحضوره - قال إن «كل» الأمور بيد الرئيس. ٭ الحزب الحاكم يلعب الآن بمبدأ السلامة، وكل لاعب يحاول أن يمرر الكرة إلى القصر وواقع الحال يقول إن الوطني دون البشير مثل الأسد دون أنياب، حتى وإن صرخت قياداته وهي تتحدث عن مؤسسية الحزب وانتشارة .. فشخصية الرئيس فيها مزيج من صرامة العسكريين وبساطة السودانيين وهو ما جعله حاضراً وبمعزل عن الحزب. ٭ الحديث عن فقدان البشير لمنصبه حال تخليه عن الوطني أشبة بتبريرات أنصار أي فريق منهزم عندما يقولون على سبيل المثال أن الهدف الذي ولج مرماهم كان نتيجة تسلّل وهو أمر لا يقدم ولا يؤخر في مسألة «الثلاث نقاط» بل هو حديث «ماسخ وبايخ». ٭ سبق للبشير أن رمى بكرة ثلج عندما قال «إن فترة البناء التنظيمي والانتخابات كشفت عن ضعف شديد على مستوى قواعد الحزب، ونحن نخشى انو ، ننتهي بحزب شبيه باتحاد اشتراكي مربوط بحكومة، يوم الحكومة تروح الحزب يروح».. مما جعل الوطني «يجقلب»!!. ٭ حسناً .. نقول بدلاً من أن تعيد قيادات الوطني تصريحات بعضها البعض الأوفق أن يبحث الحزب عن خليفة للبشير بعد نهاية دورته الحالية والتي أكد مراراً أنها الأخيرة ، وإلا «سيتدحرج» الحزب بسياسييه وعسكرييه.