٭ مرض الحصبة من الأمراض الفيروسية المعدية.. سريعة الانتشار.. خاصة في مناطق الازدحام والمناطق الفقيرة وفي المجتمعات التي لا يسمح أفرادها بتطعيم أطفالهم نسبة لقلة الوعي الناتج عن الثقافة المجتمعية السائدة في بعض المناطق والأرياف.. وتكمن خطورة المرض في تشابه أعراضه مع أعراض الأمراض الأخرى التي تصاحبها حميات وارتفاع شديد في درجة الحرارة.. ورشح أشبه بأعراض الزكام.. كما يصاحبها طفح جلدي وبقع بيضاء حول الفم.. والمؤسف أن مرض الحصبة ليس له علاج بعينه وفقاً لخبراء.. ولكن جرعات فايتمين «أ» التي تعطى للأطفال عبر الفم والتحصين الروتيني يحدان من انتشار المرض والوقاية من مضاعفاته. ٭ خلال الأشهر الماضية تحدثت تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية وآخرها الشهر الماضي.. عن انتشار كبير لحالات الإصابة بالمرض مع وجود وفيات وسط الأطفال دون سن الخامسة خاصة في ولايات مثل كسلاوالبحر الأحمر وسنار.. بالإضافة لمناطق الصراعات في جبال النوبة. ٭ ولكن لأننا تعودنا على دفن الرؤوس في الرمال وأحياناً عدم التعامل بجدية مع الأرقام والتي قد تكون مؤشراً لمخاطر جمة آنية ومستقبلية في الكثير من الموضوعات.. لذا فإن الكثيرين ومنهم بعض أهل الاختصاص.. قللوا من شأن الإحصائيات الواردة في التقرير واكتفى بعضهم بعدم التعليق في حينها على الموضوع.. إلا أن خطورة انتشار المرض ومخاوف الناس وهواجسهم بعد الاطلاع على هذه التقارير الصادرة من منظمة الصحة العالمية.. تستدعي التعاون من أجل القضاء على المرض.. لذا فإن وزارات الصحة المحلية والاتحادية قامت بشراكات ذكية مع بعض المنظمات العاملة في مجال الصحة للحد من انتشار المرض في المناطق المتأثرة. ٭ وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 6 ملايين طفل دون الخامسة تلقوا التطعيم ضد المرض ولا زال حوالي 16 آخرين في حاجة للحصول على اللقاح.. وقالت نعيمة قصير مدير منظمة الصحة العالمية إن معدل انتشار المرض منذ يوليو الماضي مقلق جداً.. لذا فإن المنظمة قد نشرت فرقاً لمتابعة الأمر يومياً وناشدت الأسر بضرورة تطعيم أطفالها. ٭ رغم الجهود التي يبذلها الشركاء ووزارة الصحة للحد من وفيات الأطفال وضمان حصولهم على اللقاحات اللازمة.. إلا أن الأنشطة العسكرية في جبال النوبة والنيل الأزرق تقلل من فرص تطعيم هؤلاء الأطفال ضد الأمراض المختلفة.. إذ كثيراً ما تخرق هذه الأطراف المتصارعة بنود الاتفاق بضرورة وصول الفرق الطبية لهذه المناطق.. وكثيراً ما أبدت منظمة اليونسيف قلقها من أن حوالي 150 ألف طفل لم يحصلوا هذا العام على التطعيم مما يقلل من فرص نجاتهم من أمراض الطفولة المختلفة.. وأن عدم التحصين يجعلهم عرضة للوفيات أكثر من غيرهم. ٭ المفرح في الأمر وفي اتصال هاتفي مع مصدر داخل وزارة الصحة بولاية البحر الأحمر.. وهي من أكثر الولايات تأثراً بالمرض.. أنهم خلال شهر سبتمبر لم يسجلوا أي حالة إصابة بالمرض.. وهذا يدل على المجهود الكبير الذي بذل في سبيل احتواء المرض والحد من انتشاره. ٭ وعليه فإني وعبر هذه الزاوية أناشد الأسر بضرورة تطعيم أطفالها ضد الأمراض المختلفة.. لأن التطعيم وقاية وأمان.. ولا يفوتني أن أذكر العاملين في المجال الصحي بضرورة التعامل بجدية وحزم مع الأرقام والإحصائيات التي تقوم بها المنظمات المختلفة والتحقق منها.. ولا يفوتني أن أذكر قصة الشبان الأمريكيين الذين حاولوا المزح مع صديقهم في عيد الهالووييين..وقاموا بإرسال بدرة «تلك» التي تستخدم للأطفال في مغلف بريدي وظن صاحبهم الذي يشغل منصباً رفيعاً أن أحدهم بعث إليه بجرثومة الجمرة الخبيثة.. وفوجيء ثلاثتهم بفرق طبية خاصة من الإف بي آي والمخابرات المركزية تحقق معهم عن ماهية البدرة.. ومكوناتها.. وعليه فإن الأخذ بعين الاعتبار للحقائق والأرقام خاصة في التعامل مع الأمراض.. ينقذ حياة الكثيرين حتى لا تتحول حالات الإصابة البسيطة لوباء يخرج عن السيطرة ويفتك بالمئات.