تواجه فرق التحصين صعوبات في الوصول لتطعيم الأطفال ضد أمراض الطفولة بعد أن رفضت الحركات المسلحة دخول فرق التطعيم ضد مرض الشلل والحصبة لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وما تبع ذلك من أحداث مؤسفة لمقتل اثنين من المنتسبين لوزرة الصحة أثناء جولات فرق التحصين للقضاء على مرض الحصبة بولاية غرب دارفور، فضلاً عن المصير الذي يواجه ما يقارب «600» ألف طفل تحت رحمة السلاح بسبب الأوضاع الأمنية، في حين نفذت وزارة الصحة الاتحادية الحملة القومية للتطعيم ضد الحصبة بجميع الولايات للحد من انتشار المرض والتي استمرت حتى يوم أمس الأول من ديسمبر وتقول منظمة الصحة العالمية إن الوصول إلى كل الأطفال وضمان تلقيهم اللقاحات المنقذة للأرواح أمر قد يكون صعباً في بلد به صراعات داخلية، وهنالك أطفال في السودان يفقدون فرص التطعيم باللقاحات ضد شلل الأطفال والحصبة، مما يعرضهم لخطر الموت والإعاقة. وأكدت المنظمة في تقرير أعدته أن إحدى الولايات وهي جنوب كردفان، كان أكثر من نصف الأطفال يتعذر عليهم الوصول إلى خدمات التطعيم باللقاحات. والآن، وبفضل الخطة المحكمة التي وضعتها الوزارة الاتحادية، والدعم الذي تقدمه منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والتحالف العالمي للقاحات والشركاء الآخرون، فإن أكثر من 93% من الأطفال في السودان يتلقون اللقاحات ضد الأمراض بما فيها شلل الأطفال والخناق والكزاز والشاهوق والسل. وأبدت ممثل منظمة اليونسيف بالسودان دوروثي اورنقا أسفها لعدم الوصول لهؤلاء الأطفال في مناطق النزاعات ودعت الحركات المسلحة لضرورة السماح لفرق التطعيم بالوصول للمستهدفين بتلك المناطق، مشيرة إلى دعم اليونسيف للحملة بمبلغ «10.6» مليون دولار تمثل «80%» من تكلفة الحملة فى تلك المناطق. فيما أكدت وزارة الصحة الاتحادية ظهور 2600 حالة إصابة مؤكدة بالحصبة بجميع الولايات هذا العام أوضح وزير الصحة الاتحادي بحر إدريس أبو قردة لدى تدشينه الحملة القومية للقضاء على الحصبة بولاية كسلا أن الحملة تستهدف جميع ولايات السودان، مشيراً إلى خطورة مرض الحصبة الذي يعد أحد أهم خمسة أمراض تؤدي الى وفيات الأطفال، لافتاً الى أهمية التطعيم للأطفال لرفع مناعة الأطفال ضد المرض، داعياً المواطنين إلى ضرورة وقاية أطفالهم ضد الحصبة بالتطعيم، وأكد دعم وزارته دعم أنشطة الرعاية الصحية الأولية للوصول الى أهداف الألفية بحلول العام 2015م.. إلا أن وزير الصحة بولاية الخرطوم د. مأمون حميدة حذر من خطورة مرض الحصبة والامتناع عن التطعيم وأكد أن مضاعفاته تؤدى للإصابة بالعمى والصمم وسوء التغذية والإعاقة والوفاة، لافتا الى ان 50% من حالات العمى بين الأطفال فى العالم بسبب الحصبة، بينما بلغت الحالات بولاية الخرطوم 151 حالة 66% حالة منها غير مطعمة. ودعا المواطنين كافة للاستجابة مع الحملة بتطعيم ابنائهم، وقال إن الحملة تستهدف تطعيم 2.355 مليون طفل من طلاب المدارس ورياض الأطفال والخلاوى مجانا بالخرطوم، وشدد حميدة على ضرورة الوصول لتغطية 95%، وأكد مأمونية وسلامة اللقاحات. وعندما استفسرنا مدير إدارة صحة الأمومة والطفل بالصحة الاتحادية د. ندى جعفر عن تصنيف الولايات الأكثر إصابة بالمرض أكدت أن ولايات دارفور وشمال كردفان أكثر اصابة بالمرض، وأقرت بظهور جيوب لمرض الحصبة ببعض المناطق، وأشارت إلى ضرورة رفع المناعة ضد المرض، وطالبت إدارات المدارس بالمساعدة في تنفيذ الحملة وفق القوانين التي تلزم الإدارات المدرسية في تنفيذ التدخلات الصحية للحد من انتشار الأوبئة، وقالت د. ندى إن الحملة تستهدف «15» مليونا في جميع الولايات من عمر «9» أشهر إلى «15» عاماً بتكلفة «16.724» مليون دولار، لافتة الى أن عدد الحالات العام السابق بلغت «8.439» حالة، مشيرة لخطورة وضع السودان لإحاطته بدول موبوءة بالمرض وأشارت الى أن الحملة تستمر لمدة «8» أيام، كاشفة عن ترتيبات لتنفيذ التطعيم بمناطق النزاعات وإلحاقها بالحملة. وتشير مديرة إدارة صحة الأمومة والطفل د. نهى عبد الفتاح إلى ان أكثر المحليات بالخرطوم تأثرا بالمرض محلية أمبدة بعدد «61» حالة تليها جبل أولياء «المعسكرات»«25» حالة، مؤكدة تنفيذ حملات احتوائية للمرض بالمناطق التي حدث فيها تجمع للحد من انتشاره. ويرى مدير الرعاية الصحية الأولية د. طلال الفاضل أهمية وضع الحصبة ضمن أولويات إدارة التحصين، مبيناً أن التغطية بلقاح الحصبة تبلغ «85%» ما يتطلب بذل مزيد من الجهود، موضحاً أن إدارة الرعاية الصحية الأساسية تعمل على تقليل نقل الحالات الى العاصمة من خلال نشر الخدمات وتطوير العمل الصحي بالولايات، فيما أشار د. أحمد حردان ممثل منظمة الصحة العالمية الى أن مرض الحصبة يمثل «50%» من وفيات الأمراض المستهدفة بالتحصين وأنها تمثل مرضا خطيرا يؤدي الى فقدان السمع والعمى وتسبب بعد الشفاء عاهات مستديمة وتنتشر بالأماكن المزدحمة والتي تقل بها التهوية. ويقول صلاح الهيثمي من مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان «لأننا نعمل من أجل الأطفال». وفي المناطق المعرضة لمخاطر مرتفعة، يفسر لنا أن فرق التطعيم باللقاحات تتبع استراتيجية «تضرب وتهرب» لضمان دخول المناطق تحت حماية الجيش، وتطعيم الأطفال باللقاحات والمغادرة بأسرع وقت ممكن. وكما سمحت الحكومة للمتطوعين من المناطق التي تعاني من النزاعات المسلحة بالسفر إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة من أجل التدريب، والتزود باللقاحات، وبالدعم لتطعيم الأطفال في المناطق المحفوفة بالمخاطر لدرجة يتعذر معها إرسال فريق من العاملين من خارج المنطقة. ويمثل التحدي الآخر الذي يواجه القائمين على أمر التطعيم باللقاحات الوصول إلى «10%» من السكان من القبائل البدوية من الرحّل. فبتدريب المتطوعين من تلك القبائل، استطاع برنامج التحصين الموسع الوصول إلى ما يقرب «80%» من الأطفال. ويؤكد د. الطيب الفقية، الخبير في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة: لقد عيَّنا موظفاً مسؤولاً عن التواصل في كل قبيلة، وأعددنا خرائط توضح مواقع ومسارات القبائل وهي تتبع الأمطار من أجل علف حيواناتها خلال مواسم الجفاف والأمطار فكان الاتصال للوصول عبر الهواتف الجوّالة مع البدو ليساعد برنامج التحصين القبائل ووضع خطط لمواقعهم لتحديد أوقات العيادات المؤقتة للتطعيم باللقاحات. ومن النجاحات التي حققها البرنامج لا يزال السودان خالياً من شلل الأطفال منذ عام 2009، فقد خفض معدل حدوث التهاب الكبد بين الأطفال دون سن الخامسة من «20%» إلى«4%». ويدين البرنامج بنجاحه للالتزام السياسي للحكومة، و الجهود التي تبذل لتدريب العاملين بالقطاع الصحي والمحفّزات القوية، مثل التعليم والتثقيف لتشجيع العاملين على البقاء في وظائفهم. وتقديَم الدعم من منظمة الصحة العالمية واليونيسف والتحالف العالمي للأمصال في الجانب المالي والفني.