استميح الأخ العلامة الدكتور/ منصور خالد العذر في أن استعير عنوان سلسلة مقالاته، التي كان يكتبها في إحدى الصحف السيارة، وإن لم تخني الذاكرة - أظنها جريدة (الأيام) في الستينات من القرن الماضي بهذا (العنوان)، والذي ورد في سفره القيِّم لاحقاً بعنوان (حوار مع الصفوة) في عام 1974م. لا أدري إن كان الإخوة المصريون يدركون ما يخبئه لهم القدر بما يجري الآن نحو فصل جنوب السودان بمعاونة إسرائيل ودول البغي والاستكبار العالمي الأخرى، إن الغاية والهدف الأساسي لهذه المؤامرة في حقيقة الأمر هو (مصر)، فإن كانوا يدركون ذلك فتلك مصيبة وإن كانوا لا يدركون فالمصيبة أعظم. ففي المقام الأول أنت المعنية يا مصر العزيزة، فإسرائيل الماكرة تنادي وتقول لك من طرف خفي (إياك أعني فاسمعي يا جارة). فالسودان في هذا المقام سيكون بمثابة (الثور الأبيض) الذي أكله الضرغام كنهاية لمأساة الثيران الثلاثة وفق الحكاية المعلومة، وأنت يا مصر التي ستبقين دائماً (فوق الصغائر)، كما صدح الشاعر المفوَّه (فاروق جويدة) بذلك، ستكونين أنت الطعم الأخير لإسرائيل الماكرة وممن خلفها، بعد القضاء على (الثور الأبيض). إسرائيل تعلم أن السودان والقوي بأهله ليس في موقف يهدد أمنها، فهي تعلم أن المهدد لأمنها على الدوام هي مصر (أم جمال أم صابر) وقلب العروبة النابض.. وهي تعرف أيضاً من أين تؤكل الكتف، وقد سبق لها أن أخرجت مصر من معركة العروبة الكبرى يوم أن انفردت بها ووقعت معها - بكل أسف - اتفاقية (كامب ديفيد)، ولم تطمئن بذلك، فما زالت تجري وراء مصر للقضاء عليها، والآن قد حانت لها الفرصة بما يجري في السودان، إن الشقيقة مصر بالنسبة لإسرائيل هي (حلب) المتنبيء المنشود، وكأني بلسان حال الماكرة يردد: كلما رحبت بنا الروض قلنا «حلب» قصدنا وأنت السبيل ولا يفوت على فطنة القارئ العادي، وكذلك يخطئ من يظن أن إسرائيل بضلوعها الواضح بما يجري الآن نحو فصل الجنوب - خيَّب الله فألها - أنها تستهدف السودان وحده، وإنما تسعى نحو إقامة دولتها (الكبرى) من المحيط إلى الخليج وفقاً لخريطتها المعلقة على جدران برلمانها (الكنيست)، وإنما تستهدف أيضاً وبالدرجة الأولى (مياه النيل) وسليل الفراديس - للتمتع بمائه العذب النمير وكذلك حتف العزيزة مصر، بالتحكم فيه بالتعاون مع دول الحوض، وزعزة حياة أكثر من (95%) يعتمدون في حياتهم على هذا النهر العظيم من شعب مصر. إن حدود (أمن مصر القومي) - كما أعلنوا - تمتد كثيراً خارج حدود السودان الجغرافية، فلماذا إذن هذا الموقف غير الفعال الذي تقفه مصر من الأحداث الخطيرة التي تجري الآن بالسودان، وأقول بكل صدق إن هذا الموقف قد حزَّ في نفوسنا وأدمى جراحاتنا كثيراً في السودان، ولم يعد مقبولاً لدينا، والله سبحانه وتعالى قد أوصى خيراً بالجار وما بالك إن كان هذا الجار في محنة، وصدق الشاعر حيث قال: وجرح ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند أنت يا مصر (هبة النيل) كما شهد المؤرخ (هيرودتس) من قبل والعالم الآن، إن شعب السودان في جنوبالوادي يتغنى بحبك في غدوه ورواحه لما لك من أفضال لا تُحصى علينا، ولله درُّ شاعرنا العظيم (تاج السر الحسن) حين قال: مصر يا أخت بلادي .. يا شقيقة يا رياضاً عذبة النبع وريقة .. يا حقيقة إنني أقول وبملء فمي إذا ما تحقق فصل (جنوب السودان) - لا قدَّر الله - فإن هذا يُعد أسمى وأعظم وأغلى هدف يتحقق لإسرائيل، منذ قيامها الظالم لأكثر من ستين عاماً مضت، وسوف يشهد على صحة قولي هذا من يبارك الله في عمره من جيلنا الحاضر والأجيال اللاحقة. لقد بلغت اللهم فاشهد. ü هاشم مكاوي «0918210691»