ضاقت بِنَا سبل الحياة في البلدة التي كانت تسمى بلد الاتنين مليون ميل، وأصبحنا من أمة تتلاقى في المطارات وأرصفة الموانئ، وأصبحنا نتغنى بخطوط الطيران العالمية متوجهين الى دبي أو ما شابهها من مدن رخية، وأصبحت خطوطنا الجوية التي كنّا نفتخر بشعارها وبمصممها المبدع. أقول هذا وقلبي يموت حسرة عندما اتذكر أن سودانيا قد فضل أن يحصد العنب في بلدة شديدة البرودة لساعات متواصلة، وأموت أكثر عندما اتذكر أننا أصبحنا أمة مشهورة بالكذب من أجل الحصول على جوازات أجنبية لتأمين حياتهم وحياة أبنائهم فيما بعد.. اتذكر خارطة السودان في الأطلس أيام دراستي بالثانوية، وكيف أنها مليئة بالمعادن، والذي اعتقد أنها خريطة رسمها الاستعمار لنصدق أننا بلدة موعودة بالرخاء. الثابت في التاريخ أننا نعد ممن حباهم الله بنهر يعد من ضمن أطول انهار العالم، وأن لدينا الكثير من الأراضي الخصبة، ولكننا بعد أن أصبحنا دولة بترولية نسينا أننا سلة غذاء العالم، وأصبحنا بالمقابل سلة مهملات العالم، وأصبحنا دولة مليئة بالصناعات الصينية الفاسدة ومواطنين منبوذين في بلادهم. أعزائي قولوا معي سنعيدها سيرتها الأولى...