«شغلتنا الرِدةُ يا مولاي.. شغلتنا الرِّدة.. شغلتنا، أن الواحد فينا يَحمِلُ في الداخِلِ ضِدّه»..! شغلتنا «القنافد»، فنسينا موضوع «فتى الشطّة» الذي مات قبل أيام محروقاً في حشاه، بنفس الطريقة التي كانت تُدار بها «السياسة» في بيوت الأشباح.. وبنفس الأسلوب الذي يعتمده مناضلون من الطرف الآخر، في اغتيال الشخصيات..! تسمّرت عيوننا واستنكرنا ما حدث، كأننا بقايا من عطف السيد المسيح..! فجأة نسينا حاوية المخدرات، وموضوع الجمارك.. نسينا اغتيال «حرامي» بتلك الطريقة الهمجية.. نسينا عذابه وقتله بالشّطة.. نسينا عندما اعتلى أبو القنفد خشبة المسرح بسرّه الباتع..! في لحظة من التاريخ، «تسبحنت» مؤسسة الحوار واستذكر أربابها، أن الله يضع سرّه في أضعف خلقه، فقيل إن أبا القنفد يعالج السرطان، ومفيد في تبييض البشرة..! وبينما أكد أقوامٌ فعاليته في مكافحة ضعف الحيلة، شدد بعض نجوم المنابر، بأنه مبروك، يزيح الفقر، ويكافح العنوسة..! هكذا.. فجأة نسينا كرامتنا المُهدرة المقتولة بالشطّة في دولة الإسلام السودانية..! وبدلاً من أن تقوم السلطات المعنية بتسريع الخطى في اعتقال مرتكبي جريمة الشطّة، نقلت إحدى الصحف، أن شرطة حماية الحياة البرية، تمكنت من القبض على أحد عشر شخصاً، بينهم طبيب بيطري، بحوزتهم عدد 35 أبو قُنْفُذْ، وقدمتهم إلى محاكمة فورية، قضت عليهم بالغرامة مائة جنيه، مع مصادرة المعروضات القَنَافِدْ مصدر الثروة السوداني الجديد، بعد اغتناء كثيرين من التسويق ل «المكوة أم ديك، وماكينة الخياطة سنجر، وصحن الطلِس الفيكتوري، والرتينة أُم شعيفات».. إلخ..! أشارت الأخبار الإسفيرية، إلى أن بعض الشباب العاملين في التنقيب عن الذهب «قلبوا» باحثين عن القَنَافِدْ، بينما أكدت صحيفة محلية أخرى، أن القصة الحقيقية وراء ارتفاع شأنها في العاصِمة، أن ميدان القولف الذي يمتلكه أحد الوجهاء، تكاثرت فيه العقارب والثعابين، فوقع اختيار أحد الاختصاصيين على أبو القُنْفُدْ، ليقوم بتنظيف الحقل منها، بعد فشل العمال البنقال في تلك المُهمة..! جدير بالذكر أن الوجيه صاحب الميدان، قد خرج للتو مذهولاً من معركته الأخيرة مع النّافذين الإنقاذيين حول الدقيق.. خرج مذهولاً من براعة »أُخوان الصّفا» في توزيع الأدوار..! ثم جييء بعد ذلك بموضوع القَنْفدَة هذا، مُتزامِناً مع صفقة مُرتقبة، وللتذكير بأن العملية ماضية نحو مرابحة أكبر.. في هذا المنحى تم الترويج لشركة خليجية، قيل إنّها تقدمت لشراء أكبر كمية من القنافذ الوطنية بأسعار خيالية، حيث أن أبو القُنْفُدْ الواحد سوداني الجنسية يعادل برادو، أو «شريحة كرْت»..! إلى ذلك وأبو القُنْفُدْ، لم يُدرك هذا العِز الذي هبط عليه، فبقي على حاله الطبيعي أكبر من الفأر، وأصغر من القِط..! فمتى يُدرك هذا المسكين، أن مصير وثبتنا يتوقف على نفشة منه..! ويا ما اتنفشت قَنافِد في خرطوم الجِّن هذه، وكم من «فرطوق» نفخ ريشه يا أبو القنافِد، فاعتلى المنابر وأُجلِس فوق البنابِر..! ويا لها من حكاية تنبثق من خيوطها ملامح المستفيد الأوحد.. وما المستفيد الأوحد إلا شخصية اعتبارية.. ما هو إلا شيطان من الإنس، يصنع هذه الإشاعات كملهاة واحتيال.. يصنعها ليخلق قيمة وهمية، لمنُتج لا قيمة له.. هذا هو السياق لتجربة كاملة يعيشها شعب طيِّب عند منعرج اللّوى، وعلى حافة الضياع..! ولا جديد في الحكاية..! ففي مناخات العتمة والتغبيش، غالباً ما تسطو القنافِد، ويحلم الجهل بتأثيرات الديوك على شؤوننا الباقية.. في مثل هذه الأوقات تشيع الكتابة بدماء السحالي، وتخترق باحة الصمت طواقي الاختفاء..! وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح: إن العامة المستهدفين بهذه المفارقات، هم في سذاجتهم محض أشرار..!