بوسط الخرطوم وبالقرب من مول الواحه لفت انتباهي ذلك الرجل السبعيني الذي يتوسط كرسيه في ظل شجرة واضعاً أدوات الحدادة بجانبه وتبدو عليه علامات الهم، ومع زحمة المكان وتعالي الضوضاء، جلست إليه آخر لحظة لتستنطقه عن صمته وما يخفيه وراءه، فأجاب. أنا أحمد منصور، أعمل حداداً منذ «30 عاماً» . شغل الحدادة يحتاج إلى الإلمام بالمقاسات ومعرفة بالمعمار والتصميم لعمل الأبواب والشبابيك. وفيما يخص الآلات التي أستعين بها في العمل فنحتاج إلى ماكينة لحام وقاطع من حجر النار ومنشار ودربكين لخرم المسامير والرباط، بالإضافة إلى الكهرباء، وأصعب هذه الآلات استعمالاً حجر النار ونطلق عليه الصاروخ لخطورته في القطع، فقد يتعرض الشخص للإصابة إذا لم يكن حذراً في استخدامه. العمل في الماضي كان أفضل والفرص متوفرة، أما الآن أصبح منعدماً وقلة العمل يرجع سببها الرئيسي إلى استجلاب صنايعية أجانب من خارج الوطن «بنقلاديش وباكستان وغيرهما»، لأن أسعارهم أقل من العمال الوطنين، وإذا قللنا السعر نتضرر كثيراً بسبب الوضع الذي نعيشه الآن والظروف الاقتصادية وقد يمر أسبوع دون خدمة، فنحن وأنا أتكلم بصيغة الجمع إنابة عن الحرفيين أصحاب المهنة فالحال مشابه ونعول أسراً وليس باستطاعتنا تعليم أبنائنا ولا حتى علاجهم، ولديّ رسالة آمل أن تحرص الحكومة على العمالة الوطنية بدل تفضيل العمالة الأجنبية ومراعاة ظروفنا، وأتمنى «العيشة الطيبة والحال الميسور».