وعدت من قبل وزارة الإعلام بسحب تراخيص القنوات الفضائية وإذاعات الإف إم لتقديمها برامج وأغاني هابطة وخادشة للحياء، وهددت بفرض رقابة على هذه الإذاعات والقنوات، واعترفت في ذات الوقت بأن 80%من البرامج والأغاني المقدمة في الإذاعات والقنوات الفضائية هابطة وخادشة للحياء، تزامن ذلك بمطالبة لجنة برلمانية الوزارة بسحب ترخيص أي إذاعة أو قناة طغى عليها هذا النوع من البرامج، كما أعلنت الوزارة عن تشكيل لجنة لمراقبة البث الإذاعي والتلفزيوني. الآن دعونا نسأل ماذا فعلت الوزارة منذ أن أطلقت تصريحها الذي أقام الساحة الإعلامية ولم يقعدها، هل قامت الوزارة بالفعل بتشكيل اللجنة الرقابية التي هي من المفترض أن تكون «مشكَلة» منذ سنوات بطبيعة الحال، وهل قامت اللجنة برصد أي مخالفات أم أن حديث السيد الوزير كان للاستهلاك ولزوم ما يلزم؟ لن أقول إن ما جعلني أتذكر هذا التصريح هو ما أسمعه يومياً عبر بعض إذاعات ال «إف إم» من برامج «الونسة على الهواء» والأغنيات «أي كلام»، ولكن هي الحرب الصريحة التي تشنها بعض تلك الإذاعات وبجهل فاضح على الهوية السودانية من خلال اعتمادها على الأغنيات العربية والأجنبية على حساب أغنيتنا السودانية، وهذه بلا شك حرب خفية على الهوية أو ما يسمونها الاستلاب أو الاستعمار الثقافي الذي بلا شك وقع تحت براثنه الكثير من شبابنا، ودونكم ما نشاهده من اهتمامات متعاظمة وتقليد أعمى لبعض من يسمونهم النجوم العرب، وما استشرى في مجتمعنا وبيوت أعراسنا على وجه التحديد من زفة مصرية وأثيوبية ضاعت معها أهازيج «بالعديل والزين» وغيرها من موروثات شعبية أصيلة. والشيء الذي يؤسف له هو وصف بعض أعضاء البرلمان لما يحدث بالأمر المقلق، مع أنه «القلق بي ذاتو» وهو ضياع هوية عبر حرب خفية. خلاصة الشوف: أكثر ما آلمني هو متابعتي مساء أمس الأول لبرنامج بإذاعة «هوى السودان» اسمه على ما أظن «توب فايف» تقدمه مذيعة اسمها سلمى بابكر، تقوم فكرته على اختيار خمس أغنيات لفنانين ثم يفتح الباب للمستمعين لترشيح وإهداء ما يحبون من الأغنيات الخمس، وحقيقة هالني الكم الهائل من اتصالات المستمعين ومعرفتهم التامة بأولئك المغنين والمغنيات، لحظتها خلت نفسي أستمع لإذاعة «هواء وكتاحة السودان» وليس «هوى السودان».