لا شك أن ارتفاع نسبة البطالة أمر مقلق وخطير.. لأن آثاره لا تنحصر في الجوانب الاقتصادية فقط.. بل له إسقاطات اجتماعية سالبة خاصة وأن غالبية المتأثرين يمثلون فئات عمرية تعتقد أن أحلامها عند بوابة العمل.. لذا تحاول الدولة إيجاد مخارج لهذه المشكلة العصية.. وقد قامت وزارة العمل بتحديد أسباب البطالة وحددتها في تراجع قدرة القطاع العام على تشغيل الأيدي العاملة مع الارتفاع المستمر في عدد الداخلين الجدد لسوق العمل ومحدودية حجم ومساهمة القطاع الخاص وعدم قدرته على توفير فرص عمل كافية للباحثين عن العمل وعدم مواءمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل وتحديات التعليم التقني والتقاني وتأثر الأنشطة الإنتاجية الصناعية والزراعية بالأزمة الاقتصادية ونقصان عائد البترول من الاقتصاد وضعف الاستثمار وعدم تنافسية منتجاتنا المحلية واتجاه الاقتصاد إلى التكنلوجيا المتقدمة وتأثر الاقتصاد بالقرارات الأحادية المفروضة على السودان من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه الأسباب التي حددتها وزارة العمل في البيان الذي قدمته أمام البرلمان.. ولعل كل سبب من الأسباب المذكورة يعتبر مشكلة في حد ذاته.. لأنه لا يعمل على زيادة نسبة البطالة فقط.. وإنما يحتاج لحلول جذرية. سادتي في أحيان كثيرة أذهب لاتجاه تؤكد معطياته أن العلاج لبعض المشاكل مستحيل.. لأن الحكومة وبكل مؤسساتها تعلم المشكلة والداء لكنها لا تعمل لحلها بالصورة المثلى وأن كل الحلول التي تطرحها قصيرة المدى ولا تحل.. بل تعقد الأزمة رغم أن الجميع يعلمون أن بداية العلاج في معرفة المرض والحكومة تعرف المرض وتنتظره حتى يقتل أو يصبح مرضاً عضالاً لا يمكن علاجه.. فإذا قلنا إن القطاع العام من المستحيل أن يستوعب كل أعداد الخريجين وهذا معلوم بالضرورة.. فإن السبب المتعلق بعدم مواءمة مخرجات التعليم العالي لسوق العمل.. أمر مقدور عليه ويمكن علاجه بتقييم المناهج وتغييرها أو تعديلها لتوائم سوق العمل.. ولا أظن أن ذلك يمكن أن يستعصي على أحد وأعتقد أن عدم المواءمة يشير إلى ضعف التنسيق بين مكونات الحكومة ويدل على أن كل جهة تعمل لوحدها وهذا يتطلب تدخل قيادة الدولة التي من واجبها تشبيك الوزارات وزيادة نسبة التعاون فيما بينها.. وخلاف ذلك لن تنجح في حل أي مشكلة كانت. وعليه يمكننا القول إن الحلول التي طرحتها الوزارة من تدريب تحويلي أو مشاريع استخدام الخريجين وغيرها.. لن تنجح أوتؤتي أوكلها.. لأن التنسيق غائب تماماً.