الانشقاق الداوي الذي قاده الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة آدم علي شوقار ومعه عدد من القيادات الميدانية المهمة بالحركة، أوجع الحركة، بل قصم ظهرها وجاء في توقيت صعب وحرج بالنسبة لها، وربما يكون هذا الانشقاق أول مسمار يدق في نعش الحركة التي ملأت الدنيا ضجيجاً من قبل بأنها على قلب رجل واحد، وأن ليس للخلافات من سبيل إلى صفوفها. ومما يدلل على أن الانشقاق أصاب الحركة في مقتل، ردود الفعل الغاضبة التي صدرت من بعض قياداتها الذين قالوا إن الحركة قد فصلت شوقار منها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وذلك في محاولة واضحة للتقليل من شأنه وما يمكن أن يترتب من آثار وتداعيات شديدة التأثير سلباً علي موقف الحركة العسكري والسياسي والنفسي، وفي الحقيقة أن انشقاق مجموعة شوقار وضع مستقبل الحركة واستمرارها كحركة كانت قد تبوأت مكانة متقدمة ضمن حركات التمرد في دارفور سياسياً وعسكرياً حتى جعلها تتجرأ في غمرة الشعور بالنفخة إلى الاندفاع المتهور نحو العاصمة لتغيير (الإنقاذ) بالقوة العسكرية، ولكنها لم تستطع حتى عبور (كوبري الإنقاذ)، حيث لاقى القسم الأكبر من القوة الغازية حتفهم عند سفح ومطلع الكوبري، ومن هناك بدأ العد التنازلي في قوة الحركة بشقيها السياسي والعسكري، نقول إن انشقاق شوقار والذين معه وضع مستقبل حركة العدل والمساواة في المحك أن تكون أو لا تكون. فالقائد آدم شوقار شخصية مهمة ذات مكانة مفصلية في الحركة، فهو ينحدر من بيت من أكبر بيوت قبيلة الزغاوة التي تمثل قواماً، وركيزة من أهم ركائز الحركة، وهو الذي يرجع إليه الفضل في الكثير من العمليات العسكرية التي خاضتها الحركة وعلى رأسها معركة أم درمان، وهو يمثل العمود الفقري لقوة الميدان وبانشقاقه تكون الحركة قد فقدت أكثر من 70% من القوة العسكرية وهي نسبة كبيرة جداً في المقاييس العسكرية اذا فقدتها أية قوة عسكرية سواء كانت نظامية أو غير نظامية، فإن ذلك يعني شيئاً واحداً فقط، ولا شيء غيره وهو الهزيمة. إذن فإن القوة التي تعتمد عليها حركة العدل والمساواة الآن تمثل 30%فقط يحاول خليل التحرك بها في تهور واضح جنوباً وعلى تخوم غرب كردفان لا لقيادة عمليات عسكرية ضد الحكومة، ولكن من أجل قطع الطريق على القوافل التجارية ومهاجمتها للحصول علي المواد التموينية لمعاش ما تبقى من قواته في محاولة شرسة من أجل البقاء على قيد الحياة. قال لي مصدر قريب الاطلاع.. إن محاولات مكوكية محمومة قادها خليل إبراهيم قبيل انعقاد المؤتمر الذي دعت له مجموعة شوقار لإثنائه عن إعلان الانشقاق، حيث وسّط خليل جاموس لإقناع شوقار بالعدول عن خطوته، عارضاً عليه منصب الأمين العام وعدداً من الحوافز الأخرى، ولكن تم رفض ذلك من قبل شوقار بشكل حاسم. واذا كان انشقاق شوقار لا يؤثر سلباً علي موقف الحركة كما ادعى بيان الحركة وقياداتها، فلماذا كل ذلك اللهث خلفه لإثنائه عن إعلان الانشقاق؟ على الحكومة أن تشرع فوراً في الاستعداد لبدء إجراءات التفاوض مع الحركة المنشقة، وعدم الالتفات إلى دعاة الحرب وأعداء السلام ومواليهم في الداخل، بل التعامل معهم بما يستحقون، وباللغة التي يفهمونها والإقبال على من انحازوا لخيار السلام طوعاً واختياراً، للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة التي جعلت شأن السودان محل خوض بالحق وبالباطل، وتدخل من هبّ ودبّ من دول ومنظمات دولية وإقليمية، وحقيقةً فإن الكرة الآن في ملعب الحكومة.