٭٭ القضية الساخنة التي تشغل الشارع السوداني هذه الأيام مايتعرض له السودانيون بمصر من قتل ومضايقات واعتقالات .. فقد ظلت الأجهزة الرسمية والإعلامية تتحفظ علي تناول كل ما له صلة بمصر حفاظاً على الود التاريخي، رغم أن الآلة الإعلامية المصرية لاتتوانى في النقد والتجريح للسودان وسيادته .. ولكن في هذه القضية اتّخذ الجانب السوداني الرسمي من أعلى قمته خطوات عملية لمتابعة مايجري هناك، واستدعى البرلمان السوداني وزير الخارجية، وطالبه ببيان مفصل حول الأحداث.. (آخر لحظة) فتحت هذا الملف الساخن مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان د. محمد المصطفى الضو، وطرحت على منضدته العديد من الأسئلة المتعلقة بالأمر، وأجاب بالتفصيل على بعضها .. ولم تخلُ إجاباته من الدبلوماسية في رده على بعض القضايا.. فإلى مضابط الحوار... ٭ ماهو رأيكم فيما يتعرض له السودانيون بمصر؟ - نحن كبرلمان لدينا مسؤولية تجاه أي مواطن سوداني أينما وجد، ومن منطلق هذه المسؤولية استدعينا وزير الخارجية، وأدلى ببيان أوضح فيه الحقائق كما هي، وأكد أن هناك (16) سودانياً كانوا يحاولون أن يعبروا إلى إسرائيل، وتعاملت معهم الشرطة الإسرائلية وقتلتهم، وهناك (23) تعرضوا للاعتقال وأُطلق سراح مجموعة منهم . ٭ برايك لماذ هذا الاستهداف للسوانيين دون غيرهم ؟ - هذه الأحداث بعضها بسبب مخالفات قانونية كما ذُكر، وأن بعض السودانيين يتاجرون في العملة وحتى الذين قبض عليهم في مخالفات، كان هناك تجاوز في التعامل معهم من قبل الشرطة المصرية.. والبعض منهم تعرض لمضايقات من قبل متفلتين بدوافع السرقة، مستقلين هذه الظروف، كما أن هناك أبرياء ذهبوا للعلاج تعرضوا للمضايقات، ووزارة الخارجية وسفارتنا بالقاهرة تمكنت من إحصاء الحالات، وقدمت بها مذكرة للخارجية المصرية حسب الطرق الدبلوماسية المتعارف عليها، وتابعت الأمر عن كثب، وبذلت جهوداً أثمرت عن إطلاق سراح جزء من المعتقلين. وهناك لجنة كونت للتحقيق في مقتل السودانيين ال (16)، والقنوات الدبلوماسية مفتوحة بين حكومة السودان ومصر عبر وزارة الخارجية والسفارة بالقاهرة وتجري المعالجات . ٭ أهم بلطجية؟ - نحن كسودانيون لانتعامل بألفاظ لاتليق بنا.. وبطبيعتنا فنحن كأجهزة تمثل الشعب لابد أن نكون عفيفي اللسان . البعض يرى أن هذا التصعيد من الجانب المصري بسبب حديث الرئيس السوداني حول سودانية حلايب؟ - قضية حلايب ليست جديدة وسودانيتها قضية قديمة وهي قضية أهل السودان من قبل الاستقلال، وكان موقف الساسة الأوائل فيها واضحاً، وتقديراً للوزن النسبي للمصالح بين البلدين أنه يجب أن تحل القضية في الإطار الدبلوماسي، والسودان قدم القضية لمحكمة العدل الدولية على أساس أنها تحل بواسطة التحكيم، ولكن المحكمة لديها شرط أن يوافق الطرفان للجوء للتحكيم، والجانب المصري لايوافق على ذلك، عموماً للسودان وثائقه ومايثبت أحقيته في حلايب.. وإن كان للجانب المصري مايثبت أحقيته عليه أن يثبته بالوثائق، هذا رأينا، وكان هناك مقترح تقديراً للمصالح بين البلدين أن تصبح منطقة تكامل، ولكن هذا لم يحدث . ٭ إذن ماذا أنتم فاعلون؟ - نحن حتى الآن عند رأينا، وهي قضية ليست قابلة للتوظيف السياسيي من أي طرف من الأطراف، لكن ما لمسناه هنا وهناك بأن هنالك بعض الجهات تريد أن تستغل هذه الأجواء لتحقيق أهداف أخرى، وتخلق عداءً وكراهية بين الشعبين .. صحيح بأن بعض التوترات حدثت عبر التاريخ بين السودان ومصر، لكن لم تصل إلى الشعوب، فالخطر الآن يكمن في ظهور مجموعات منظمة أو عمل منظم يستهدف نسف العلاقات التاريخية والأخوية التي تجمعنا بمصر، وعلاقتنا بها علاقة أمن قومي لها أبعاد استراتيجية.. ويحرص السودان والسودانيون علي استدامتها وتمتينها وتقويتها بتنفيذ كل الاتفاقيات التي هي بين حكومة السودان وجمهورية مصر العربية. ٭ إذا تمسك كل طرف بموقفه هل سيقود هذا إلى توتر العلاقات بين البلدين؟ - هذا أمر ليس بجديد، فمنذ بداية القضية مصر متمسكة بموقفها، والسودان أيضا متمسك بموقفه، وهذا يحتاج إلى عمل دبلوماسي نشط حتى نذهب بالقضية في اتجاه الحل الودي، فمصر لديها تجربة في حل قضية طابت.. ونحن كذلك لنا تجاربنا، لذلك سنبحث عن الحل وفق الأطر الدبلوماسية، فهذه القضية موروثة، ونحن متفائلون بحلها، ومتي ما قبلت مصر أن نذهب إلى التحكيم سنذهب إليه. ٭ كيف تنظرون لرفع العلم المصري بحلايب ؟ - أختي هذا لا يغير كله في الأمر شيئاً.. ونحن لدينا مايثبت أن حلايب سودانية، ومن كانت لديه وثائق فليأتِ ويقدمها للتحكيم . ٭ هل هناك جهات محددة تشير إليها أصابع الاتهام في تأجيج الصراع؟ - يا أختي العزيرة المنطقة برمتها مستهدفة في أمنها وفي استقرارها، لذلك أي أجواء مثل هذه ربما يظن الأعداء أن فيها بيئة ملائمة لبذر الفتن، ولنسف استقرار هذه المنطقة نحن نتعامل بوعي مع كل هذه القضايا ولابعادها الاستيراتيجية، ولن نألو جهداً في أن نفشِّل كل المخططات التي نعيها جيداً، لأن هنالك من يريد تعبئة الشعب السوداني تجاه الشعب المصري، وبذات القدر هنالك من يسعى الى تعبئة الشعب المصري تجاه السودان.. ٭ ولمصلحة من هذا؟؟ أهي جهات داخلية أم خارجية ..؟ - الآن صعب التفريق بين الجهات الخارجية والداخلية، فكلاهما يتداخلان مع بعضهما البعض، وهنالك جهات خارجية ولكن لها أذرع في الدخل، وهنالك جهات داخلية لها أذرع خارجية، فكان الأمر واضحاً في تعبئة الشعب السوداني بالوسائل الإسفيرية وقنوات التواصل الاجتماعي والتعبئه كانت واضحة، وبعض الناس يتعاملون بسذاجة، ويطالبون بأن يكون التعامل بالمثل، فنحن كجهات مسؤولة نراهن علي وعي شعبنا بتفويته لهذه الفرصة، كما تعودنا أن نكون كرماء وأن ناوي ضيفنا ونكرمه أينما كان، حتي لو أساءوا لمواطنينا لأننا ننطلق من قيمنا وديننا الذين يحثان على ذلك، حيث يقول المولى عزوجل « ولا تزر وازرة وزر أخرى « «وليس للانسان إلا ما سعى « الذي ياتي إلينا ويحترم قوانيننا وقيمنا نحمله على رؤوسنا ونتقاسم معه لقمة العيش وفرص العمل وينال كافة حقوق المواطنة، وليست لدينا مشكلة في ذلك، فالأصوات التي تدعو للمعاملة بالمثل أصوات تريد بذر الفتنة، ولن يستجيب الشعب السوداني لذلك، وهناك تعبئة مضادة بالأمس تناولت هذه الأسافير خبر الاعتداء على مصري والتعامل معه بوحشية، وهذا محض افتراء وكذب.. ومن كتبه يبتغي الفتنة، والمقصود منه تعبئة عكسية في الجانب المصري. ٭ ولكن الإعلام المصري كان سباقاً في الإساءة للسودان؟ - نعم ولكن لا أقول الإعلام المصري كله، ولكن هناك بعض الأجهزة الإعلامية المصرية لعبت وظلت تلعب دوراً سلبياً تجاه السودان، وهذا الأمر غير مقبول، والبرلمان أعلن رفضه لها، وأوصى وزارة الخارجية بأن تبذل قصارى جهدها لتوطيد العلاقات مع مصر، حتى تكون استراتجية لا مجال للمساس بها .. وكذلك حض الوزارة بالجهد لمعالجة المشاكل ومتابعة أوضاع السودانيين بالخارج . ٭ الأممالمتحدة أبدت قلقها تجاه مايحدث للسودانيين؟ - الأممالمتحدة طبيعي أن يكون لها رأي، وليس هذا بجديد، فهاتان الدولتان عضوتان في الأمم التحدة. ٭ وهناك من يرى أن هذه المضايقات للضغط على السودان لتغيير موقفه من سد النهضة؟ - لكل دولة الحق أن تمارس الأساليب الدبلوماسية التي تحقق بها مصالحها، وهذه طبيعة العلاقات الدولية.. وهذه حقوق مشروعة، فالسودان موقفه لا ينطلق من قاعدة هشة، أي سياسة خارجية تسعى لتحقيق المصالح العليا للبلاد، وحدد السودان ان له مصلحة عليا في قيام هذا السد، ولكن هذه المصلحة ليست على حساب الآخرين، وظل ينادي بحفظ حقوق مصر وأثيوبيا، وإذا انطلقنا من العدالة فليجلس الجميع لإزالة العقبات والمخاوف ووضع خطة لحفظ الحقوق، وهذا لايعني إلغاء السد .. فالسد لن يُلغى. ٭ لكن هناك محاذير من بعض الخبراء السودانيين من قيام السد؟ - المحاذير أنواع بعضها يسعى الأنسان للتغلب عليها، ووضعها في الحسبان ومراعاتها عند تنفيذ مثل هذا المشروع، مثلاً إذا كانت نسبة النجاج 85% وهناك مخاوف فلماذا لا أعالجها لأحقق النجاح، والمصالح يجب مراعاتها دون إلغاء المشروع. ٭ بعض النواب كشفوا عن تغول السلطات المصرية على مساحات بالولاية الشمالية مدى صحة ذلك؟ - مشاكل الحدود توجد طريقة معينة للتعامل معها وهذه الحدود دولية محددة باحداثيات، وقد يحدث هنا وهناك تجاوز، ولكن الوسائل التي يمكن الرجوع إليها معلومة، وهذه ليست قضية لايمكن أن نسميها احتلالاً، بل هي تداخل ويمكن أن تحسم بالوسائل الدوبلوماسية . ٭ ماحدث هل يمكن أن يؤدي إلى توتر العلاقة بين البلدين؟ - هذا مانسعى إليه ومايجب أن يسعي إليه الجميع، نحن الآن في ظل الانفتاح في العلاقات الدولية، وليس لدينا حرص على توتر العلاقات مع الدول دون إهدار كرامتنا أو التفريط في حقوقنا وقيمنا والتدخل في شؤوننا الداخلية . ٭ وماهو ردكم على التعديات الأثيبوية على الأراضي السودانية في الفشقة وقتل المواطنين؟ - هناك لجان مشتركة بين أثيوبيا والسودان، نأمل أن يحسم هذا الأمر ويتم ترسيم الحدود وتنتهي المشكلة، كما نأمل أن تتخذ بعض الإجراءات المشتركة لمحاربة الشفتة، ولا نستبعد أن تكون مدعومة مثل ماحدث في مصر لتأجيج الصراع بين البلدين ولكن الحكومتين تعيان هذا الأمر جيداً ولن تسمح لأي مخطط أن يتم . ٭ هنالك من يتهم الحكومة بالتساهل في مثل هذه القضايا ؟ - السياسة الخارجية والدبلوماسية لاتتعامل بردود الأفعال، وتتعامل بالوسائل التي يمكن أن تحل الاشكاليات دون انفعال، ويجب على الإعلام أن يساعد في التعامل مع القضايا الاستراتيجية دون إثارة، وأن لايشكل ضغطاً على الأجهزة التنفيذية والدبلوماسية التي تعمل بالوسائل الناعمة والتي هي الأنجع. ٭ كثرت الزيارات المتبادلة بين الخرطوموواشنطن دون حدوث اختراق في العلاقات؟ السودان يسعى لبناء علاقات طيبة مع أي دولة وفق الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة ومراعاة سيادة الدولة وكرامة الإنسان دون التدخل السالب في الشؤون الداخلية الذي يؤدي إلى تأجيج الصراعات الداخلية.. ووفقا لهذه الأسس نحن مستعدون أن نفتح علاقات مع أي دولة كانت ماعدا (...) .. ٭ أمريكا مازالت تجدد في قراراتها ضد السودان؟ - لم يصل الأمر لرفع السودان من قائمة الإرهاب، ولازالت المساعي جارية، وشيء مؤسف أن تجدد العقوبات، ولكن نأمل أن نصل لمعادلة مع أمريكا في كل القضايا، ومساعينا جارية في هذا الاتجاه، ولانستطيع أن نقول أكثر من ذلك، وسوف نطرق كل الأبواب ونتحاور معهم في كل المجالات، ومتفائلون لأننا واثقون من أنفسنا وحجتنا ومنطقنا القوي في هذه القضايا، وإن كل ما يتم تجاه السودان إدعاءات وظلم يجب أن يُرفع، ولدينا إرادة سياسية قوية في هذا الاتجاه، ونأمل أن يكون الطرف الآخر كذلك لتعود العلاقات لوضعها الطبيعي، إذا كان الأمر غير ذلك فنحن ماضون في طرقنا، ومرت عقود على هذا الوضع وهو على ماهو عليه، فالنصبر وإن الله مع الصابرين وقلوب الخلق بين أصابع الرحمن . ٭ موقف واشنطن تجاه الخرطوم هل هو تخوف من اتجاه السودان شرقاً ؟ - الفضاء العالمي مفتوح بالنسبة للسودان، وإذا وجدنا باباً مغلقاً لابد أن نبحث عن أبواب أخرى.. وبحثنا ووجدنا وأمورنا تسير رغم المعاكسات وهذا أمر طبيعي . كيف تقيمون علاقات السودان الخارجية في الفترة الأخيرة ؟ - الأوضاع الدولية متغيرة وكلها ترشح السودان أن يلعب دوراً كبيراً.. فالدول التي تتحدث عن الإرهاب والتطرف تحرر شهادة براءة للسودان من التهمة التي ظل يعاني منها، فبإمكانياته وقدراته يمكن أن يلعب دوراً في المحيط العربي والإقليمي والدولي، ويسعى مع كثير من الجهود الدولية لمعالجة قضاياه، ويملك من الموراد التي يمكن أن تشكل جسراً للتواصل مع المجتمعات المتقدمة، ومن أراد أن يبني معنا علاقات بهذا الاعتدال مرحبا به . ٭ هناك مطالبات في لجان الحوار الوطني بالتطبيع مع إسرائيل ؟ - تعودت بعض الأجهزة الإعلامية نقل الآراء الأحادية وتبرزها لأنها شاذة اؤكد أن هذا الأمر لا إجماع عليه، ولن ينال أي قدر من التضامن وهو راي يمثل الجهة التي صاغته.