عندما بدأت الشمس ترسل خيوط ضوئها للأرض.. بدأت الحياة تدب في منزل منى، فهي ربة أسرة متوسطة الكمية، أدت الفريضة وحملت حالها وبدأت تجهز أغراضها لإعداد شاي الصباح لأسرتها، وبعد دقائق جاءت وهي منزعجة تقول خبر الشوم والروم.. انتبه الجميع فقالت الغاز قطع فزع الجميع، وكنت أحد الحاضرين.. فبطلة هذه القصة هي أختي، حزن كل من كان حاضراً لأن الحصول على انبوبة الغاز أصبح شبه مستحيل ويحتاج لبطولات.. مرت تلك اللحظات ثم تذكرت أن الحكومة قررت توزيع الغاز في الميادين وفي أسواق البيع المخفض، وأن اليوم هو يوم البيع المخفض في الحي المجاور لهم، وهي تداوم على الذهاب لذلك السوق، وقالت إنها ستذهب للسؤال إن كان ذلك صحيحاً، وإذا كان صحيحاً هل ستجد انبوبة أجب!! وبالفعل ذهبت وماهي إلا دقائق وجاءت بسرعة.. سرعة شديدة في مشيتها وفي طريقة كلامها وهي تقول «الغاز جاي جيبو القروش الركشة واقفه برا» وبنفس تلك السرعة حملت الانبوبة وتكلفتها وذهبت وكانت الساعة تقترب من العاشره صباحاً.. مرت الساعة الأولى والثانية حتى الخامسة تركت الانبوبة مع أحد الشباب وجاءت للمنزل، وهي بين التعب الجسماني والنفسي، فكمية الأنابيب أصابتها بنوع من الهستيريا والخوف من عدم الحصول على ما انتظرته، ثم عادت مرة أخرى، لكنها فوجئت بفراغ الميدان من الأنابيب ولم تجد حتى انبوبتها، وأصبحت تسأل عنها مثل محروقة الحشا، تلف حول نفسها تسأل الفي السوق ومن في الميدان حتى المارة لم يسلموا من سؤالها.. الجميع يبحث معها وكانت هناك معلومة تؤكد أن هناك امرأة كانت تمسك بانبوبة غاز وتقول إنها ليست ملكها، وأنها لم تجد انبوبتها وأن صاحبة الانبوبة الضائعة بدلت الأنبوبة سهواً وهي من نفس الشركة لكن المنظم مختلف.. لكنها تعبت وذهبت وفي أثناء بحثها ومن باب فتح خشم البقرة سألت المرابطين بالشرطة الشعبية في بسط الأمن الشامل فقالوا لها.. إن أحدهم وضع الانبوبة عندهم ودون أن تشعر وجدت نفسها تبكي، لم تعلم هل هي دموع الفرحة أم دموع حصاد عملها.. وقال لها أحد الشباب إنه جاء لمنزلها لاخبارها أن الانبوبة ببسط الأمن الشامل.. ثم جاءت للمنزل وبدأت تحكي قصة ضياع الانبوبة لكنها بدأتها من الآخر، وكنت أنظر لها ولا أجد ملامحها، فقد تغير شكلها تماماً، لأن يومها كان شاقاً وانتهى بطريقة تراجيدية، فهي لم تجد الغاز وضاعت انبوبتها.. ظلت تحكي قصتها طوال اليوم وفي اليوم الثاني.. إلا أنها لم تفكر في البحث عن الغاز منذ ذلك اليوم، وهي تنتظر انفراج الأزمة.. لكن كم ستنتظر.. الله أعلم.