دعوة السيد رئيس الجمهورية المشير عمرحسن أحمد البشير لنظيره الروسي فلادمير بوتن لزيارة السودان تأتي في إطار التعاون الذي تشهده العلاقات السودانية الروسية في الفترة الأخيرة .. ولروسيا مواقف قوية في مجلس الأمن الدولي لصالح السودان، باستخدامها حق الفيتو لإجهاض قرارات المجلس ضد الخرطوم .. فكثير من المشروعات والقرارات الدولية تم تخفيفها في مجلس الأمن الدولي نتيجة للاعتراضات الروسية ورضخ المجلس لضغوطاتها . وبالمقابل كان للسودان مواقف مشهودة لصالح الروس، وذلك خلال الأزمة الأوكرانية، عندما صوت في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لحق روسيا في جزيرة القرم، ووجد موقف السودان ترحيباً قوياً لدى القيادة والحكومة الروسية، وارتفعت أسهمه بسرعة مذهلة في بورصة العلاقات الثنائية. ٭ نشاط وركود ويرجع تاريخ العلاقات السودانية الروسيه إلى جذور الدبلوماسية السابقه في الإتحاد السوفيتي منذ العام 1956، وشهدت ستينات القرن الماضي تطوراً مطرداً للعلاقات الثنائية.. وتم في تلك الفترة توقيع الاتفاقيات طويلة الأمد التي ساعدت على تطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات، وفترت العلاقات بين البلدين أثناء حكومة الفريق عبود والمشير جعفر نميري، لكنها عادت إلي النشاط في حكومة الديمقراطية التي أعقبت انتفاضة 1985م ٭ اعتراف سوداني وزاد النشاط والتميز في العلاقات الروسيه السودانية بعد الاعتراف السوداني في مطلع التسعينات بروسيا الاتحادية. وزيارة وزيري الخارجية السابقين مصطفى عثمان إسماعيل ولام أكول إلى موسكو في نوفمبر 2001، وفي عام 2006 جاء لقاء وزيري خارجية البلدين على هامش الدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقعت عدداً من البروتوكولات الخاصه بإجراء المشاورات، وإقامة التعاون في مجال رفع كفاءة الكوادر الدبلوماسية، وتوقيع بروتوكول التعاون بين الأكاديمية الدبلوماسية لوزارة الخارجية الروسية والمركز الدبلوماسي في الخرطوم، فضلاً عن ابتعاث مسؤوليين للرئيس الروسي فيما يتعلق بقضية دارفور .. وكان هناك مندوباً خاصاً للرئيس الروسي لدى السودان ٭ مصالح متبادلة - وفي الأسبوع الماضي وقعت بالخرطوم أكثر من (14) اتفاقية اقتصادية ومذكرة تفاهم للتعاون المشترك بين البلدين، أبرزها قطاعات التعدين والنفط والسكك الحديدية ومجال الكهرباء، بحضور نائب رئيس الجمهوريه حسبو محمد عبد الرحمن مع الوفد الروسي المكون من رجال أعمال ومبعوثين حكوميين بلغ عددهم (45)، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة توطين بعض الصناعات الروسية بالبلاد، كما تم التوقيع مع شركة سودابيت في مجال الاستفادة من الغاز الطبيعي، بجانب المنح الأكاديمية وبناء القدرات المتخصصة وتنمية شراكة خاصة مع القطاع الخاص، وهدفت كل الزيارات المتبادلة بين الطرفين للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي، ومن المعروف أن موقع السودان ودوره وتأثيره على الفضاء الأفريقي والعربي والإسلامي حاضر بقوة في التفكير والتخطيط الإستراتيجي الروسي، وفي حلف الأوراسي الذي يضم بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق مثل روسيا وبيلاروسيا وطاجكستان وأذربيجان، وجميع دول هذا الحلف لها علاقات متميزة مع الخرطوم، وهي من نتاج الحرص والحث الروسي لجعل العلاقة متميزة مع السودان، للدخول إلى أفريقيا، وتقديم تجربة نموذجية لشراكات جديدة للتعاون، ولتمتع السودان بالثروات والموارد الطبيعية. ٭ خطوة موفقة القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور إسماعيل الحاج موسي يرى أن دعوة البشير لنظيره الروسي تأتي في إطار توجه وتحرر روسي حميد، وخصوصاً أن روسيا وتدخل روسيا الأخير في الأزمة السورية أضاف لها وهجاً، وهي تستعد لإعادة امجاد الاتحاد السوفيتي، وهي دوله تمتلك معظم مقومات الحليف الاستراتيجي مضيفا أن البشير كان موفقاً في اختيار روسيا خصوصاً أنها تتمتع بثقه كبيرة في الشرق الأوسط، وأنها الدوله الوحيدة التي ورثت حق الفيتو من الإتحاد السوفيتي، وأنها تسقط كل القرارت ضد السودان، والسودان حليف استراتيجي لروسيا ومدخلها لأفريقيا. ٭ حليف مؤهل فيما تري الدكتورة سهير أحمد صلاح رئيس قسم العلوم السياسيه بجامعة الزعيم الأزهري أنه بعد انهيار الإتحاد السوفيتي، حدث تحول في روسيا والعالم العربي والإسلامي، والصراع لم يعد صراعاً أيدولوجيات، وإنما صراع مصالح، ولجأت بعض دول المنطقة لروسيا بعد التدخل الأمريكي في المنطقة، ولذلك بعد العقوبات والحصار المفروض عليها جعلت تبحث عن مخرج، وروسيا هي الدوله التي لها إرث علمي وصناعي وعسكري يساعد في نهضه تلك الدول، مثل إيران وسوريا والسودان من ضمن الدول التي تبحث عن شركاء أقوياء مثل روسيا وتضيف سهير أن المدخل السوداني لروسيا هو الاقتصاد والزراعة قبل المعادن والبترول، وروسيا تملك كل التقنية والفائدة في المجالات. وفي المجال العام السودان يملك امكانات غير مستخدمة، ويحتاج إلى دولة لها القدرات في استخراج وتسويق المعادن مثل روسيا، كما أننا نحتاج إلى موقف روسيا في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وتبادل الخبرات في التأهيل الأكاديمي، وأن روسيا اليوم أصبحت تنظر إلى منافسيها، وتسعى إلى كسب الحلفاء الجدد في العالم..