يا من أنت في القلوب محبة، يا من أنت في الوجدان خيالات ملأى بآلاف الرؤى، القلب ينزف والفؤاد يعاني، يا من أراك قريباً في خاطري ومشاعري كالدمع في أجفاني، كالمستحيل إذا هفا قلبي إليك ازداد في الخفقان، تجتاحني ذكرى دون هوادة والعقل في فزع من النسيان، آه يا زمن صادرت حرفي منعت اللقاء وجدت بالحرمان، عبد الله كان إيقاعاً يؤانسنا وأنشودة تهز كياني، من يحتمل لحظة فراقك ساعة لا والله لا ولا لثواني. سحابة من الحزن تغطي سماء الكدرو وثوب الحداد حول عنقها. رحل عن دنيانا رجل سمح نحسبه من أفضل الرجال بخصاله الحميدة، بطباعه وصفاته العديدة، له كاريزما تشابه الراحل المقيم المشير جعفر محمد نميري رحمه الله، ما رأيناه ضاحكاً يقهقه حتى بانت نواجذه، كانت ابتسامته تجذب كل من يحدثه ما كان يمزح، بل كان يلاطف كل من تقرب إليه، ذكرنا تشييعه بحديث الرسول وقلنا كما قال «صلى الله عليه وسلم» وجبت لصاحبنا الجنة إن شاء الله، كان فقده أليماً علينا وعلى كل معارفه، خذلنا ضعفنا فانفلت حبل الصبر من بين أيدينا وجمت العقول وحزنت القلوب ودمعت العيون وكنا لفراقه أشد حزناً وإيلاماً. رحل عبد الله تاركاً وراءه فراغاً هائلاً في محيط الأسرة والأهل وفي ذاكرتنا صورة محفورة نراها في كل ركن من أركان داره وفي المسجد والساحات وفي الطرقات ولا أظنها ستفارق مخيلتنا يوماً، رحل عبد الله في صمت فضجت الكدرو برجالها ونسائها وصغارها وكبارها وبكل أحبائها، وكان تشييعه مهيباً ويعد الثاني من نوعه في مدينة الكدرو التي تعز وتجل وتعرف قدر أبنائها، رحل عبد الله فانكفينا على وجوهنا نعصر ما تبقى من دموع جفت في مآقينا وتذوقنا مرارة الرحيل علقماً لا زال طعمه في حلوقنا، اكتسب فقيدنا محبة الناس أجمعين وتمثل ذلك في العلاقات الحميمة، ولهذا أجزلوا له الشكر والثناء وأخلصوا له في الدعاء الصادق، وبادلوه الوفاء بقدر ما أعطى، بل حرصوا على رد الجميل وتبعوه حتى دار الخلد، كان قلبه مليئاً بالإيمان فصارع المرض بالصبر وواجه التحديات بمزيد من التحدي، لم يقنط ولم ييأس من رحمة الله ولم يجزع أو يتبرم من شدة الألم حتى كدنا نجزم بأنه سليم ومعافى، كان ثابتاً وكان قوياً، كان شامخاً حتى في ساعة الاحتضار فأسلم الروح لبارئها راضياً مرضياً. صورتك يا الحبيب خاتمنها ومطبوعة سيرتك ما بتغيب ما الأسرة فيك مفجوعة.. بي رغم الصبر لسه القلوب موجوعة.. من كتر النويح أصواتنا ما مسموعة.. لو قلنا العيون نشافنة فيها دموعا.. مرارات الرحيل جوانا زي مزروعة.. كنت خلوق وسمح الخصال دي طبيعة.. فات الغيم وفات الضل وماتت شجرة يبسو فروعا.. اشفع ليك شفيع الأمة والأقباط بتدعو يسوعا. «اللهم أرحمه برحمتك التي وسعت كل شيء.. اللهم أسكنه داراً خيراً من داره وأبدله أهلاً خيراً من أهله واجعل الجنة مثواه.. اللهم أغسله بالماء والثلج والبرد.. واجعل البركة في أولاده وبناته وفي أحفاده إنك سميع مجيب الدعاء».. اللهم آمين.