العلاقات بين السودان ودول الاتحاد الأوربي مرت بمراحل فتور وتوتر سياسي فى أعقاب ظهور عدد من الأزمات على رأسها تفجر الصراعات فى دولة الجنوب وانفجار الأوضاع فى درافور ثم المنطقتين، ولعل بريطانيا أحدى أهم دول الإتحاد الأوربي الفاعلة فى منطقة اليورو، إلا أن علاقاتها مع السودان دون الطموح، رغم ما يربطهما من وشائج تاريخية وشعبية.. ويرى كثيرون أن لندن مازالت تتبنى رؤية بأن الخرطوم لا تزال إحدى مقاطعتها في إطار التنافس الاجيواستراتيجى الذي يتعرض له الإقليم .. بينما يذهب فريق آخر إلى أن لندن تعتبر شاهداً مهماً في قضية حدود السودان مع دولة الجنوب، وشاهداً أهم فى قضية مثلث حلايب على الحدود مع مصر، ولكن كل ذلك لم يمنع بريطانيا من أن تقف مسانداً وحليفاًَ ساسياً للولايات المتحدة الأمركية ضد الخرطوم وسياستها، فقبل خمسة أيام فقط تبنى المندوب البريطاني بمجلس الأمن الدولي مشروع قرار لإدانة السودان على خلفية الأحداث الأخيرة التي وقعت بجبل مرة مؤخراً، إلا أن مشروع القرار سقط تحت أقدام أصدقاء السودان بالمجلس مفارقات سياسية وتأتي زيارة وفد اللوردات البريطاني للبلاد بعد خمسة أيام فقط من تبني المندوب البريطاني لمشروع القرار، الأمر الذي اعتبره دبلوماسي - رفض ذكر اسمه - بأنه من المفارقات السياسية، وقال إن لغة السياسة هي أن تتآمر ضد أحدهم في وضح النهار، ثم تأتي لزيارته تمد إليه يد السلام، وهذا ماينطبق تماماً على الخرطوم حيث بدأ أمس وفد رفيع من مجلس اللوردات البريطانى يضم ممثلين من أحزاب فى بريطانيا على رأسهم حزب المحافظين، وهو أول وفد بريطاني بهذه الدرجة الرفيعة يزور البلاد بحسب تصريحات مدير الإدارة الأوربية بوزارة الخارجية السفير يوسف الكردفاني، والذي وصف الزيارة التي تمتد لنحو أسبوع بالهامة، مشيراً إلى أن الوفد سيزور ولايات دارفور ونهر النيل والشمالية، وسيلتقي بعدد من من المسؤولين على رأسهم نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن، ورئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ورئيس القطاع الاقتصادى بهدف التعرف على الأوضاع بالبلاد، والوقوف على الحقائق لتصحيح الصورة لدى عدد من السياسيين فى بريطانيا، وأوضح الكردفاني أن زيارة الوفد تأتي في إطار الدبلوماسية العامة . صلاحيات الوفد غير أن وفد اللوردات البريطاني لايتمتع بصلاحيات واسعة، فهو ليس جهة تنفيذية، ويشير موقع «وكبيديا إلى أن مجلس اللوردات في الوقت الحاضر دون أهمية مجلس العموم بكثير، فليس له أي سلطان أو أثر على تشكيل الحكومة، وليس من حقه أن يحول دون إصدار مشروعات القوانين المالية - أي القوانين المتعلقة بالايرادات أو المصروفات - وسلطته على مشروعات القوانين محدودة، فإذا أجاز مجلس العموم قانوناً ورفضه مجلس اللوردات، فإنه يصدر بناءًا على تصديق ملكي بعد مهلة مدتها عاماً. ولكن هنالك من يرون بأن مثل هذه الزيارات يمكن أن تؤثر على مراكز صنع القرار فى إطار الدبلوماسية الشعبية حال عدم توفيق القنوات الرسمية فى تحقيق اختراق في علاقات البلدين، بينما يرى المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير علي الصادق أن زيارة الوفد ابتدار لما التزم به سفير بريطانيابالخرطوم مايكل آرون، الذى أكد حرصه على تطوير العلاقات بين الخرطومولندن، ونبة إلى أن الزيارة خطوة نحو معالجة الملفات الخلافية، حيث من المتوقع أن تستقبل الخرطوم وفوداً رسمية من بريطانيا وانعقاد اجتماعات لجنة التشاور السياسي بين السودان وبريطانيا الأسبوع الثالث من مارس المقبل علاقات دون الطموح وزير الخارجية بروفسور إبراهيم غندور قال للوفد إن علاقات السودان مع بريطانيا دون الطموح، ولكننا تهدف لتحسين العلاقات، وأبلغ غندور الوفد أن البلاد مفتوحة أمامهم لزيارة أي منطقة، وقال الكردفاني من المفترض أن العلاقات بين الخرطومولندن تكون الأفضل من غيرها من دول الاتحاد الأوربي بحكم العلاقات الأوربية، ولكن للأسف العلاقات لم ترق لمستوى الطموح، مما يتطلب العمل جميعاً من أجل تطويرها ووتعزيزها فى المجالات المختلفة، واستفسر الوفد المسئولين السودانيين عن القضايا المتعلقة بالسلام والحوار الوطني لإكمال السلام فى دارفور والمنطقتين، وجهود الحكومة فى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والتوقعات المستقبلية لما بعد الحوار الوطني، بجانب الجهود المبذولة لتحسين الوضع الاقتصادى بالبلاد، ٭ ويشار إلى أن السودان كان أحد أهم الأسواق للمنتجات البريطانية، فقد كان القطن المنتج من مشروع الجزيرة الكلارديس (طويل وقصير التيلة) يدير مصانع لانكشير فى بريطانيا، وتوزع منتجاتها في أوربا، بدوره أعرب الوفد عن سعادته لزيارة السودان مؤكدين حرصهم على تطوير العلاقات الثنائية فى المجالات المختلفة، خاصة المجالات الاقتصادية بإعتبار أن السودان كان سوقاً واسعاً للمنتجات البريطانية، بجانب وجود أعداد كبيرة من السودانيين درسوا في بريطانيا، وأشاروا إلى أن هنالك أساساً قوياً لتطوير علاقات البلدين، وبالتالي هنالك فرصة واسعة لتطوير العلاقات