جاءت الأخبار أمس أن السلطات الصحية بولاية الخرطوم أغلقت مستشفيين خاصين كبيرين أحدهما بالخرطوم شرق، والآخر بشارع المطار لمدة أسبوعين، وقضت بتغريم كل منهما مائة ألف جنيه بسبب وجود مخالفات- كما أسمتها- والمتمثلة في ضبط (44) زجاجة دم فاسد مخلوطة بدم صالح في المستشفى الثاني، فضلاً عن مغالاته في الأسعار، حيث يضع المستشفى سعر (4) آلاف جنيه مقابل السرير في العناية المكثفة، بينما أدى انتشار الصراصير والحشرات في غرفة عمليات المستشفى الأول إلى وقوعه تحت طائلة العقوبات.... بالله عليكم هل هناك استهتار وتساهل وتلاعب بأرواح الناس أكثر من هذا ؟ والمؤسف حقاً أن تعتبر وزارة الصحة أن هذه مخالفات !! إذاً كيف تكون الجرائم يا وزارة الصحة؟ هذا عين الجرم والذي يستحق عليها المستشفى عقوبات جنائية، إضافة للإغلاق النهائي، ولكن ماذا نقول في وزارة أصبح كل همها جلب المال مثلها ومثل المستشفيات التي نحن بصدد الحديث عنها!! وإلا ماذا يعني مبلغ المائة ألف جنيه لمستشفى يأخذ أجرة (4) آلاف جنيه على السرير لليوم الواحد بقسم العناية المركزة؟ فوجود دم فاسد بالمستشفى يعني استعماله وأعطائه للمرضى، فهل من جرم أكبر من هذا؟ لماذا لم تقم السلطات بفتح بلاغات جنائية ضد المستشفى المعني؟ حتى يتسنى للوزارة معرفة المرضى الذين منحوا هذا الدم، لأن التحريات كفيلة بإثبات ذلك، لماذا أكتفت وزارة الصحة بهذه العقوبة التي لا تتناسب وحجم الجرم المرتكب؟ إلى متى سيظل المواطن المغلوب على أمره يقبع تحت سلطة هذه المستشفيات؟ والتي لا هم لها سوى جباية المال فقط دون تقديم أدنى خدمة حتى ولو كانت كلمة طيبة لمريض أو مرافق، أن حال المستشفيات أصبح لا يسر والله، أطباء يتعاملون بكل استهتار مع المرضى!! التلاعب في تقديم الخدمات أصبح جهاراً نهاراً وعلى عينك يا تاجر كما يقولون، فإحدى المستشفيات أعتادت أخذ مبلغ ثلاثمائة جنيه لإستدعاء الأختصاصي وليتهم يستدعونه من منزله أو من أي مستشفى آخر، إنما يستدعونه من غرفته بذات المستشفى، مستشفى آخر يشترط وضع مبلغ تأمين 20,000 جنيه تحت الحساب قبل دخول المريض لغرفة العناية المكثفة، أضف إلى ذلك أخذت بعض المستشفيات تتهرب من المرضى المؤمن عليهم من قبل شركات التأمين بصورة ظاهرة للعيان، وتفضل الدفع المقدم بدلاً عن الدفع الآجل الذي تعتمده شركات التأمين ونظامها. كل هذه الممارسات يعرفها الجميع إلا وزارة الصحة الولائية والإتحادية، هذا فضلاً عن الأخطاء الطبية القاتلة التي لا يسلم منها إلا القليل، وفي تقديري أن ضبط زجاجات الدم الفاسد المخلوط بآخر صالح يمثل دليل إدانة واضحة ودامغة لوزارة الصحة قبل المستشفى.