أثبتت العديد من الدراسات الأوربية بأن الحضارة السودانية من أقدم الحضارات في العالم، وتأتي في المرتبة الأولى أفريقياً، ويذخر السودان بثروة هائلة من الآثار في عدد من المناطق مثل «النقعة - البجراوية - المصورات» وغيرها.. ولكن الشيء المؤسف هو عدم اهتمام الشعب السوداني بهذا الإرث العظيم وتجاهله لهذه الثروة التي لا تقدر بثمن، والدليل على ذلك افتقارهم لثقافة زيارة المتاحف والمناطق الأثرية.. ونتج عن ذلك قلة درايتهم بها مع أنها أهم المقاصد للزائرين للبلاد من كل الفئات.. ولكن مع ذلك فهنالك قلَّة قليلة تهتم بها وتحرص على زيارتها بصورة مستمرة.. «آخر لحظة» فتحت هذا الملف لمعرفة أسباب نفور السودانيين من زيارة المتاحف، واستطلعت عدداً من شرائح المجتمع فكانت هذه الحصيلة: كانت ضربة البداية مع الأستاذة صباح أحمد التي أكدت على أن مفهوم السياحة أصلاً ليس من أولويات السودانيين، رغم امتلاكنا لعدد كبير جداً من المتاحف منها «المتحف القومي - التاريخ الطبيعي - بيت الخليفة - القصر» وغيرها، ولكن رغم ذلك فالإقبال عليها ضعيف جداً وتمثله فئات بعينها وهي طلاب المدارس والخريجين والباحثين، والأغلبية التي تزور المتاحف تتمثل في السياح من خارج البلاد- الأوربيين بصورة خاصة. لذلك ظللنا نطالب بدراسة التاريخ والآثار والتراث منذ مرحلة «الروضة» حتى يتعرفوا عليها ويرتبطوا بها ويتشبعوا بجرعة تاريخية منذ الصغر، وللأسف فأغلب السودانيين الآن يجهلون حضارة بلادهم، هذا بالإضافة إلى دور الإعلام الضعيف في الاهتمام والتعريف بها. واستطلعت «آخر لحظة» عدداً من الطلاب من داخل المتحف، وتباينت آراؤهم بين مداوم على زيارة المتاحف والعكس، ولكنهم أكدوا على استفادتهم الكبيرة من زيارتهم لها باطلاعهم على معلومات كثيرة كانت غائبة عنهم، تتمثل في التعرف على تاريخ بلدهم بعد أن كانت معظم زياراتهم ورحلاتهم السابقة إلى المنتزهات وصالات العرض السينمائية فقط، وأرجعوا ذلك إلى عدم اهتمام أسرهم بالتراث والآثار وزيارتها وانعكس ذلك عليهم. وأشار الدكتور أبوبكر ميرغني إلى أن أهم أسباب عدم اهتمام السودانيين بالمتحاف عدم وجود التربية الوطنية وعدم الاهتمام بدراسة التاريخ لربط الأجيال به، فمثلاً نجد أن الثقافة المصرية تتفوق على السودانية، لأن أجيالهم قامت على تاريخ أجدادهم، مثل معرفتهم الدقيقة بالإهرامات والفراعنة وأصبحت جزءً من ثقافة مجتمعهم. وكشف أحد المسؤولين عن المتاحف فضل عدم ذكر اسمه إلى وجود عدد من المشاكل التي تواجه عمل المتاحف بالصورة المثلى، تتمثل في عدم توفر الدعم اللازم من الحكومة والشح في عدد الموظفين لعدم وجود ميزانية كافية للتعيين، هذا بالإضافة إلى أن المتاحف عموماً تحتاج لصيانة مستمرة لخلق بيئة مناسبة لحفظ الآثار.