تناولت وسائل الإعلام في الفترة السابقة بياناً نسب لرئيس المجلس الأعلى للتصوف الشيخ الطيب الجد خليفة الشيخ ود بدر بأم ضوبان، أنه يدعم توجه شيخ الطريقة المكاشفية الشيخ الأمين عمر الأمين.. ونفى الجد البيان و قال إنه يتبرأ من الخبر الذي تم تداوله بصورة واسعة في عدد من وسائل الإعلام والصحف، وأكد أنه لم تتم مشاورته قط في إصداره ولم يأت من قبله، وبعد مرور فترة ليست بالطويلة قدم الجد استقالته من المجلس الأعلى للتصوف، مما أثار جدلاً واسعاً. وقبل أن تهدأ الأوضاع، صدر بالأمس خبر ب«آخر لحظة» مفاده تراجع الخليفة الطيب الجد عن استقالته التي قدمها قبل فترة، وذلك استجابة منه للمبادرة التي قامت بها قيادات ولاية الخرطوم، وعلى رأسهم الدكتور جابر إدريس عويشة رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد بولاية الخرطوم، وممثلون للمؤتمر الوطني والدعوة الإسلامية، وأهل الولاية، وقام بسحب استقالته التي تقدم بها مؤخراً من رئاسة المجلس الأعلى للتصوف. والشيخ الطيب الجد ود بدر ولد في بداية الثلاثينات من القرن الماضي بمنطقة أم ضواً بان بمحلية شرق النيل التي تقع على بعد أكثر من أربعين كيلومتراً عن الخرطوم وهي مثال للمنطقة الصوفية، فهذه المدينة كما يتحدث عنها الناس، قد أسسها الشيخ العبيد منذ أكثر من مئة وستين عاماً عندما أقام خلوته لتعليم القرآن، وهو صوفي قادري، كان سائحاً للعبادة ونشر القرآن، واستقر بهذه المنطقة و أخذت المدينة اسمها الجديد من النار التي أشعلها في الخلوة لقراءة القرآن، ولم تنطفئ في المكان منذ ذلك الوقت ، حيث بات القادمون يستدلون على الخلوة في الليل عندما يرون تلك النار فتحول اسم المدينة من «أم ضبان» الى أم ضواً بان ، في إشارة إلى نار القرآن عندما يراها المسافرون فيقولون «الضو بان». وبهذه البقعة المباركة ولد الشيخ الطيب ودرس في خلوتها ومن ثم التحق بكلية غردون قسم الحقوق عام 1955م، حيث درس فيها علوم الشريعة وتخرج في عام 1959، وفي ذات العام عين في السلك القضائي مساعداً قضائياً في الهئية وتدرج في السلك القضائي حتى وصل مرتبة قاضي بالمحكمة العليا، وهو متزوج ولديه ستة من الأبناء خمسة أولاد وبنت واحدة، وهو والد الإعلامي عمر الطيب بإذاعة ال(B B C). مناصب: عمل الطيب الجد قاضٍ في عدد من مدن ومديريات السودان عدا المديريات الجنوبية الثلاثة، حيث عمل في الخرطوم والأبيض وكسلا وبورتسودان ودنقلا والحوش والمناقل وطوكر ونيالا وانتدب في العام 1992م ولفترة خمس سنوات للعمل في دولة قطر، عاد بعدها ليواصل مسيرة العمل كقاضٍ في المحكمة العليا إلى أن أحيل للتقاعد بعد بلوغه سن المعاش. وفي العام 1998 أصدر رئيس الجمهورية قراراً بتكوين مجمع الفقة الإسلامي وعينه عضواً فيه، مسؤولاً عن دائرة الفتوى الشرعية، وبعد انتقال الخليفة عثمان عمر بدر إلى الرفيق الأعلى في أغسطس 2002 وآلت الخلافة إلى أبناء الشيخ الطيب بدر اختارته أسرة ود بدر ليكون خليفة للشيخ محمد بدر. اشتهر بالحكمة: مقربون من الرجل وممن لازموه في مراحل عمره المختلفة وصفوه بأنه يتصف بصفات أهل العلم فهو متواضع لا يترفع على الناس، ولم تغريه مباهج الدنيا ولا المواقع الرفيعة التي شغلها إبان عمله في سلك القضاء، وتربيته ونشأته في تلك البئية الصوفية اكسبته صفات أؤلئك القوم من أهل الطريق والمتصوفة، وما يتصفون به من صفات الحكمة والكرم.. ورغم مشغوليات الرجل إلا أنه ظل حريصاً على التواصل مع أهله ومعارفه رغم اتساع دائرة تلك العلاقات التي اكتسبها من خلال موقعه الديني ومكانته الاجتماعية.. وفوق هذا فإن الرجل يمنح أيضاً وقتاً لمساهماته ومشاركاته في العمل العام ولأنه عاشق للحرية ولا يحب أن تقيده أي قيود، فإن الخليفة الطيب الجد يرى أن الخلافة بمثابة سجن وأن تحركات الخليفة محسوبة ومرصودة ولا يمكن أن يتحرك بحرية كما في السابق، فقبل الخلافة يكون حراً طليقاً و بعدها يعمل الآخرون على مقارنة سلوكه وسلوك من سبقوه، كما أن الخلافة تجعلك ملازماً للمسيد. ورغم كل تلك المشغوليات فالرجل يهتم بأمر الآخرين ويمارس الاطلاع والقراءة ويستمع للمدائح النبوية والشعر و يطرب لسماع جميع المنشدين على رأسهم عبد الله الحبر وأسماعيل محمد علي، ولديه اهتمامات بسيطة بالرياضة ولا ينحاز لفريق بعينه، وهو قومي في تشجيعه ويمارس رياضة المشي. نهل الجد من والديه حب الناس وتقديم العون لكل محتاج، ووالدته آمنة الخليفة حسب الرسول بدر كانت دائماً تتمنى أن تتولى مكانة رفيعة في المجتمع لخدمة الناس، وكانت لها صفات وخصال جميلة منها «حب المساكين؛ و الضعفاء وقضاء حوائجهم»، وقد أثرت في شخصيته وسار على نهجها ونهج والده.