عندما ظللنا ننادي لفترات طويلة بضرورة إنتاج فني جديد لأغنيات وطنية ذات نكهة وأثر يسمح لها بالبقاء والخلود، مثلما خلدت أغنيات العمالقة من الفنانين أمثال وردي وعبد العزيز داؤود والعطبراوي وميرغني المأمون ورفيقه أحمد حسن جمعة، كان البعض يسخر منا، والبعض الآخر يرانا كمن يؤذن في «المصنفات»، حيث لا حياة لمن تنادي. لم نيأس أبداً لعلمنا التام أن الغناء للوطن ضرورة وأنه سيأتي اليوم الذي يلتفت فيه البعض لحروفنا، حتى جاء توجيه السيد نائب رئيس الجمهورية الأخ حسبو محمد عبد الرحمن لإخوانه من الفنانين في الاتحاد بضرورة الاتجاه وإنتاج أغنيات وطنية، مبدياً استعداده التام لدعم هكذا اتجاهات، ثم من بعد ذلك استجاب للنداء رئيس جمهورية الحب الكبير الذي كتب من قبل أكثر من سبع أغنيات وطنية تغنى بها عدد من كبار الفنانين، منها «حبيت الشعب السوداني» ، «عصافير الخريف»، «أرجع وطنك»، واليوم يعلن لنا الحلنقي أن كتاباته القادمة ستكون للوطن وحده الذي لا منافس له في أعماقه، وأنه قد بدأ مع الملحن الكبير عبد اللطيف خضر ود الحاوي والمطربة ندى القلعة في عدة أعمال وطنية جديدة منها «عاش السودان» و«محبوب الشعب». من جهتها عبرت الفنانة ندى القلعة التي تعد المطربة الأولى في البلاد للأغنيات الوطنية والأكثر إحساساً بكل عمل إبداعي وطني، أن مشروعها القادم هو مشروع الغناء للوطن وأنها ستقدم في ذلك الكثير من المفاجآت. نأمل صادقين أن تكون هذه المبادرة الوطنية العظيمة التي دعا لها الأخ نائب رئيس الجمهورية وتلقفها ملك الكلمة الجميلة إسحق الحلنقي وأمير النغم ود الحاوي وسلطانة الطرب ندى القلعة، فتحاً لأغنيات وطنية قادمة، لأنه مؤسف والله أن يكون بالسودان كل هذا الكم الهائل من المطربين والمطربات والشعراء والملحنين، ولا هم لأكثرهم غير تقديم الأغنيات «الهابطة» والسعي وراء الشهرة في «الفاضي» والثراء عبر القرصنة والتجني على الفن وعلى حقوق المبدعين من الراحلين. مؤسف والله ويدعو للخجل أن يموت فينا الحس الوطني لدرجة جعلتنا نعبر عن أفراحنا في جميع المناسبات الوطنية بأغنيات وصل عمرها لنصف قرن من الزمان. رسالتي الأخيرة لأهل الإبداع في بلادي أن تعلموا من سلطانة الطرب ندى القلعة التي استطاعت أن توظف ما حباها الله به من موهبة وذكاء فني نادر، في تقديم رسالة الفن على «أصولها» للوطن وللمواطن، تعلموا من ندى أن للوطن في دم كل فنان وفنانة.. يد سلفت ودين مستحق. خلاصة الشوف: ليت الإخوة في قناة النيل الأزرق خصصوا برنامجهم «نجوم الغد» للتنافس في الأغنيات الوطنية، بدلاً عن ترديد أغنيات الأموات، وتقديم فنانين وفنانات للساحة لا هم لهم إلا الشهرة، أين دور البرنامج في التربية الوطنية والتنشئة الفنية السليمة؟