على الرغم من أن الحكومة والأممالمتحدة يعملان كشريكين لتقديم مساعدات للنازحين بدرافور، إلا أن العلاقات بينهما ظلت تتأرجح ما بين الحين والآخر، وظل الملف الأنساني أحد الأذرع المهمة في الخلاف بين الطرفين منذ تولي الهولندي يان برونك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لهذا الملف وحتى عهد مسؤولة الملف حالياً لاسيما فيما يتعلق بتباين التصريحات حول إعداد النازحين ومعاناتهم، وفي فبراير الماضي أطلقت المسؤولة الأممية مارتا روديس تصريحات حول أوضاع النازحين عضدتها بزيارة قصيرة لمنطقة طويلة بوسط دارفور، وأعلنت بعدها أن أعداد النازحين وصل ثمانين ألفاً ونيف في أعقاب المعارك بين الحكومة وحركات التمرد في منطقة جبل مرة، وكشفت عن منعها وكالات الأممالمتحدة للوصول للمناطق المتأثرة لتقديم الغوث الإنساني للمتأثرين في المنطقة، فيما تشكك الحكومة في التقديرات الأممية وتصفها بغير الدقيق في كثيراً من الأحيان. دحض الاتهامات: فيما تصدت وزارة الخارجية للاتهامات الأممية، حيث شككت في أرقام النازحين التي أعلنها مكتب الأممالمتحدة لشؤون الإنسانية بشأن نزوح نحو (90) ألفاً بولاية وسط دارفور، ودحضت الوزارة تصريحات مارتا روديس في هذا الصدد، وقالت إن منع وصول الأممالمتحدة أو وكالاتها لبعض المناطق يتم في أضيق الحدود ووفقاً لما يقتضية استقرار الأوضاع الأمنية ووصولاً لسلامة العاملين في الأممالمتحدة ووكالاتها المختصة، بجانب ذلك أن المعارك التي جرت في جبل مرة قد توقفت، ويقول مدير إدارة السلام للشوؤن الإنسانية بالوزارة السفير علي الصادق إن السلطات المختصة في الولايات والمركز شرعت في جهود جبارة لتقديم العون ومساعدة النازحين للعودة إلى قراهم ومناطقهم، لاسيما عقب توقف الاقتتال، بجانب أن الأجهزة المختصة قدمت مساعدات للعائدين لمواصلة حياتهم العادية. التشكيك في الأرقام: الأرقام المتداولة في أجهزة الإعلام العالمية دائماً ما تستمد من تقارير شفهية لبعض الموظفين الدوليين والتي وصفها علي الصادق بغير الدقيقية، بجانب أنها تختلف كثيراً عن التقارير التي بحوزة الحكومة. ومضى السفير قائلاً إن تقديرات الجهات الخارجية مبنية على السماع أو مايسمى «بالمعلومات السماعية» لاسيما التقارير التي تتحدث عن تقديرات للنازحين في مناطق لم يتثنَ لهم زيارتها ، وتقول التقديرات إنه في 20 فبراير، ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة هناك 22,261 من النازحين الجدد في طويلة، وقد جرت عملية التحقق من 18,974 منهم، وكذلك عدد 63,223 من النازحين الجدد في سورتوني، والذين جرى الفراغ من عملية تسجيل 41,530 منهم. ووفقاً للجمعية الخيرية لأصحاب الحيازات الصغيرة بكبكابية «منظمة غير ربحية» ومنظمة أوكسفام الدولية، و هناك أيضاً عدد 2,018 نازحاً في كبكابية.. وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للنازحين في ولاية شمال دارفور نتيجة للأعمال العدائية الأخيرة في جبل مرة إلى 87,502 شخص. والشاهد أن مارتا لم يتثنَ لها الوصول لمناطق كثيرة لاعتبارات أمنية، حيث تقول إنها دفعت بستة طلبات للوصول لتك المناطق ذات الصراع المحتدم مما يشير بشكل واضح عدم دقة التقارير والأرقام والاعتماد على السماع، وخير دليل على ذلك فإنه ضمن برنامج أي مسؤول أممي يزور دارفور يجتمع بموظفي الوكالات و«الاستاف» المتواجد في الولاية ويدفع بتقرير شفوي للمسؤول الأممي حول الحقائق. وفي ذات الاتجاه فإن تقديرات التقارير التى بحوزة الحكومة لاتختتلف كثيراً عن الأممية، فإن آخر التقارير تشير إلى أن عدد النازحين وصل نحو (73) ألف نازح وأن نصفهم عادوا إلى مناطقهم. سيناريو المواجهة: تجدد سيناريو المواجهة بين الحكومة والأممالمتحدة في أعقاب زيارة مارتا لمنطقة طويلة التي تقع على أطراف جبل مرة، حيث يعيش أكثر من 22,000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال الذين تجمعوا في الأسابيع الأخيرة بالقرب من معسكر النازحين هناك، وتحكي مارتا عن وصول الكثير من النازحين بعد رحلة شاقة وخطيرة وهم يحملون ما في وسعهم من ممتلكات ومن مواد غذائية. المسؤولة الأممية أعربت عن قلقها البالغ إزاء محنة ما يزيد عن 85,000 من النازحين الجدد من المدنيين في شمال دارفور، بجانب المدنيين الذين فروا من قراهم موخراً، نتيجة لتصاعد وتيرة النزاع في منطقة جبل مرة التابعة للإقليم، واشارت إلى أن الأممالمتحدة والمنظمات الدولية والوطنية، وجمعية الهلال الأحمر السوداني، قدمت مساعدات للمحتاجين، إلا أن تدفق أعداد كبيرة من الوافدين الجدد في الأيام الأخيرة شكل ضغطاً هائلاً على ما كان بالفعل يعتبر عملية لوجستية بالغة التعقيد الشراكة الحكومية الأممية: وقد ظلت العلاقة بين المسؤولين في الحكومة والأممالمتحدة علاقة شراكة وفقاً لعضوية الأولى في المنظمة الدولية، وتقضي الشراكة وفقاً لمصدر داخل الأممالمتحدة مراعاة مصلحة المواطنين التي تتصدر أجندتها، مما يتطلب تعاون الطرفين لتحقيق ذالك والنأي عن المشاكسات الإنسانية. ويقول إن تصريحات المسؤولة الأممية كثيراً ما تخرج عن نطاقها الذي يتمحور في المناشدات والطلب والدعوة، إلا أن مصادر فى الشأن الإنساني تحدثت ل «آخر لحظة» ترى أن مفردات الأممالمتحدة حول قضية ما، لا تخرج عن نطاق التحذير والمطالبة والقلق.