ضحكت أم باسل (زوجتي) مما أسره لها إبننا أحمد ، بعد عودتنا من صلاة الجمعة ، وسر ضحكتها كما علمت منها ، أن أحمد (4 سنوات) قال لأمه : (كلموا سيد الجامع يعمل صلاة الجمعة بالليل ..الشمس حارة شديد). جاء الصيف ساخنا قبل أوانه ، وأظنه سيكون ساخنا في كل شيء إن لم يرحمنا الله الرحيم، فلقد ارتفعت حرارة الجو، وزادت فاتورة الماء نادر الوجود ،بعد زيادة الغاز الكبيرة ، وازدادت الأسعار ارتفاعا في كل شيء، والآن بتنا ننتظر الزيادات الجديدة ، التي برمجت على دفعات ، ولا أدري هل ذلك خجلا أم خوفا ، فقد تزاد الكهرباء ورسوم النفايات قريبا جدا ،وبعدها يبدأ طوفان الزيادة التي بتنا نستقبلها كل عام، رغم أن الحديث الرسمي في كل عام ، لازيادات والميزانية جاءت لرفع الغلاء عن كاهل المواطن البسيط . أغلب الموظفين والعمال استلموا مرتباتهم يوم الخميس ، ولكن يوم استلام المرتبات بات عندهم ، أسوأ يوم في الشهر ، فهم يسددون ديون الشهر السابق أو معظمه ، ولكنهم لايستطيعون الاستلاف في نفس اليوم أو الإسبوع الذي يلى الصرف ، (لأنه غير مقنع للمدينين ). جاء الصيف وارتفعت حرارة الأجساد ،وفارت (الامخاخ) وبدأت أخلاق البعض تضيق، لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها ..**..ولكن أخلاق الرجال تضيق ومع الاحتكاك الطبيعي في الشوارع أو المواصلات ، بدأت الإنفعلات غير حميدة ،(شكلة مع السواق أو الكمساري) صراخ مع الجزار،.....خلافات مع الجيران بسبب الأطفال . والأسوأ عدم تقبلنا لأسئلة أطفالنا ورغبتهم في الحكاوي لوالديهم، فهم ينتظرون الآباء منذ الصباح ليحكوا لهم حكايات النهار ، بحثا عن العطف والحنان الذي فقدوه ، مع غياب الآباء والأمهات في العمل لساعات طويلة، ومع غياب (الحبوبة) فقد أطفالنا كثير من الراحة النفسية والتربية السليمة المتوازنة ، ومؤلم جدا أن (نقهرهم) ونردهم خائبين محرجين دون أن نستمع إليهم. جاءت عطلة المدارس( التي ستطول لأشهر أربعة) مع بداية صيف حار ، ومعلوم للجميع أن ارتفاع الحرارة قد يجلب كثيرا من أمراض الصيف التي نخشاها وأسوأها ( السحائي) - حمى الله البلاد والعباد منه -، ولم نسمع أو نقرأ خبرا حتى الآن عن استعدادت وزارة الصحة للقاح كما كان في السابق. الصيف في السودان يعني..الذهاب للنيل لاسيما عند انقطاع التيار الكهربائي (وماأكثر انقطاعه في الصيف) ، والأجيال الجديدة جلها لايعرف السباحة، لأنها من الرياضات التي كانت معرفتها متوارثة ، كلنا سبح في العطلات منذ الصغر في مياه النيل الخالد، ولكن كان ذلك بإشراف من هم أكبر منا سنا ،...أما الآن فلا كبير متفرغ ليرى النيل من (شباك الحافلة ) ناهيك عن السباحة وصيد السمك، وذهاب الأطفال للنيل ونزولهم الماء دون دراية ودون رفيق ، نتيجته الغرق الحتمي ، ذلك الذي يحزن عشرات الأسر كل عام ، وكم من صبي نابغة أوصبية فاضلة ابتلعهم النيل ، فتركوا الحسرة والألام لأسرهم والوطن. (سخنت) في كل شيء ولكن دائما ما يمر بخاطري البيت العربي الشهير: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها..**..فرجت وكنت أظنها لاتفرج أملي الكبير ..أن تلفت الأسر لأطفالها، وأن تحاول ملء الفراغ العريض القادم ، بالبرامج المفيدة لأطفالهم ، وعدم الإنشغال عنهم، وياليت الآباء يأخذون إجازاتهم السنوية مع أبنائهم حتى يجد الأبناء الرعاية الكافية ، وحتى يجد الأطفال قليلا من حقهم المهضوم ، في العطف والحنان ، وتعلم السلوك الطيب الذي ظللنا نتوارثه جيلا عن جيل...وأملى الأكبرأن يتذكر أولو الأمر في هذه البلاد أن لكل أجل كتاب وأن دوام الحال من المحال ، وأنها لودامت لغيرك لما وصلت إليك وأن الله سبحانه وتعالى (يمهل ولايهمل ) حسبنا الله ونعم الوكيل. ألا هل بلغت ....اللهم فاشهد.